كتبت - زينب خليل: تتصاعد المخاوف الإسرائيلية من تداعيات مخطط الضم المزمع تنفيذه مطلع الشهر المقبل، حيث تواجه حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو عدة معوقات، ما دفع المستويات الأمنية لدى الاحتلال إلى طرح سيناريوهات بديلة في محاولة لدفع "نتياهو" إلى التراجع عن الخطوة.
يأتي ذلك الطرح، وسط تأكيدات نتنياهو، بالمضي قدمًا في مشروع الضم، على عدة مراحل بين شهري يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول.
ونقلت القناة 7 العبرية، عن نتنياهو قوله، إن تطبيق مخطط الضم المزمع تنفيذه مطلع الشهر المقبل سيتم على عدة مراحل، وليس بشكل كلي مرة واحدة.
وأشار نتنياهو، عقب اجتماع مع كبار ضباط الاحتياط في جيش الاحتلال، اليوم الإثنين، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت موافقة غانتس وأشكنازي، قبل البدء بتطبيق خطة الضم.
تنديد عربي ودولي
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إن إقدام سلطات الاحتلال على ضم أي أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة سوف يمثل عدواناً غاشماً جديداً على الشعب الفلسطيني وسيادته على أراضيه.
كما أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، على موقف بلاده الرافض لضم سلطات الاحتلال أراض فلسطينية بالضفة المحتلة.
وشدد الصفدي، على "موقف المملكة الرافض لأي ضم لأراض فلسطينية باعتباره تقويضًا لفرص السلام".
ومن جانبهم، طالب السفراء العرب المعتمدون لدى المملكة المتحدة، الحكومة البريطانية بمنع الخطة الإسرائيلية لضم أراض من الضفة الفلسطينية.
وأكد السفراء، في رسالة وجهوها إلى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أن "الوقت قد حان لكي تتخذ الحكومة البريطانية خطوات ملموسة واستباقية، ومنها فرض العقوبات على إسرائيل، والاعتراف بدولة فلسطين كحق للشعب الفلسطيني وكرد عملي لحماية القرارات الدولية وتعزيز فرص السلام في المنطقة"، محذرين من التداعيات الخطيرة لمخططات ضم أراض فلسطينية محتلة.
كما أدان البرلمان العربي مخطط الضم ، مطالبًا مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات فورية وحازمة لمنع تنفيذ مخطط الضم الاحتلالي.
وعلى الجانب الدولي، أعلن وزير خارجية الصين وانج يي، رفض بلاده لخطة الضم الإسرائيلية، معتبرًا إياها مخالفًة للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وأكدت الحكومة البريطانية، أنها لن تدعم خطة الضم الإسرائيلية لأراضي الضفة الفلسطينية المحتلة.
وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، جيمس كليفرلي، "بريطانيا لن تؤيد ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الفلسطينية لأن ذلك سيجعل تحقيق حل الدولتين مع الفلسطينيين أكثر صعوبة".
وقد أعلنت فرنسا الشهر الماضي، أنها تُعد مع دول أوروبية أخرى، من بينها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا،"تحركا مشتركا" لمحاولة إحياء مفاوضات السلام بين فلسطين والإسرائيليين محذرة سلطات الاحتلال من أنها قد تواجه ردا أوروبيا وإجراءات انتقامية، إذا ما مضت قدما بخطتها ضم أجزاء من الضفة الفلسطينية .
معارضة اليمين وقادة المستوطنات
كشفت مصادر إعلامية عبرية، النقاب عن تصاعد حدة الخلافات داخل اليمين الإسرائيلي بسبب خطة "الضم" التي يسعى بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة في تل أبيب، لتنفيذها بعد أسبوعين.
ويواصل قسم كبير من قادة المستوطنين في الفلسطينية، معارضتهم لـ "مخطط الضم" وفق خطة "صفقة القرن"، فيما شن حزب الليكود اليميني الحاكم "حزب نتنياهو" هجوما شرسا على المستوطنين.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية ، عن مصادر في الليكود، قولها إنه في أعقاب معارضة المستوطنين، تطالب الإدارة الأمريكية الحكومة الإسرائيلية بإيضاحات.
وذكرت المصادر، أن الأمريكيين يقولون لنا إن العالم العربي كله ضد صفقة القرن، والأوروبيون ضدها أيضا، واليسار الأمريكي والإسرائيلي يعارضان.. والآن اليمين يعارض أيضا، فلماذا ينبغي تنفيذ هذه الخطة؟ بماذا يمكن الرد عليهم؟.
ومن جانبه أعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أنه سيعارض أي خطة لتطبيق ضم أحادي الجانب في الضفة الفلسطينية، وفي حديث إذاعي حذر لابيد من أن فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن سيمس إلى حد كبير باتفاقية السلام الموقعة مع عمان.
تراجع الإدارة الأمريكية
بدأت إدارة ترامب محاولة التخفيف من آثار الضم، لم تعط بعد الضوء الأخضر لبسط سيادة الاحتلال على مستوطنات الضفة.
وفي هذا السياق ، و أمام هذه المعوقات تضع حكومة نتنياهو عدة سيناريوهات بديلة
(1): ضم 30% من الضفة الفلسطينية.
يقوم هذا السيناريو على إعلان إسرائيل ضم بعض المستوطنات في الضفّة الفلسطينية ومُحيط القدس المحتلة، كـ"معاليه أدوميم"، أو غور الأردن كخطوة أولى، ومن ثم انتظار ردود الفعل الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة، وقياس الضرر الناجم عن الضم، وخاصة العلاقات مع الأردن، التي تُعد إستراتيجيّة بالنسبة إلى إسرائيل على الصعيدين الأمنيّ والسياسيّ.
(2) ضم جميع الكُتل والأغوار دفعة واحدة
يتمثل هذا السيناريو في إعلان ضم كافة الكتل الاستيطانيّة التي سمحت الولايات المُتحدة بضمّها وفق "صفقة القرن"، وتحديدًا في مناطق (ج) والأغوار.
وتدفع أحزاب اليمين الإسرائيليّ الدينيّ إلى تنفيذ هذا السيناريو، على اعتبار وجود فرصة لا يُمكن تفويتها، خاصة مع وجود إدارة ترامب وقبل انقلاب الظروف وتغيّر الإدارة، وينطوي هذا السيناريو على مخاطر عالية، وهي بمثابة قلب الطاولة كليًا وعدم ترك أي مجال للعودة إلى طاولة المفاوضات السياسيّة، كما أن نتائج هذا السيناريو ممكن أن تبدأ بمواجهة واسعة مع الفلسطينيين، مرورًا برفض عربي ودولي، وتنتهي إلى قطع كلّي للعلاقات مع الأردن على سبيل المثال، فضلًا عن أن هذا السيناريو لا يمنح إسرائيل الإمكانيّة للتراجع أو إعادة التفاوض.
(3) تنازلات سياسية
ويتضمن هذا السيناريو، أن يسعى نتنياهو لتسوية مع دول خارجية تقوم على أساس تقليص مساحة الضم، مقابل الحصول على تنازلات سياسية من هذه الدول.
ويخشى نتنياهو عقوبات، وبخاصة عربية ودولية، وملاحقة في المحكمة الجنائية الدولية في حال المضي قدما في عملية الضم المخالفة للقانون الدولي، ولكن تجارب الماضي تشير إلى أن نتنياهو تراجع في بعض الأحيان مقابل الحصول على مكاسب سياسية خارجية.
(4) تأجيل عملية الضم
ويقوم على إرجاء الشروع بعملية الضم لعدة أسابيع، لحين التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأمريكية على خرائط الضم، على أن تتم قبل انتخابات البيت الأبيض.
ويسعى السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو من أكبر الداعمين لعملية الضم، للتوصل إلى تفاهم بين نتنياهو ووزيري الدفاع بيني جانتس والخارجية جابي أشكنازي على الضم، تمهيدًا لاتفاق إسرائيلي-أمريكي.
ويرهن جانتس وأشكنازي موافقتهما على أي عملية ضم بالتوصل إلى اتفاق إسرائيلي-أمريكي.
(5) التنفيذ بشكل أحادي
أن يعلن بشكل أحادي، دون موافقة الإدارة الأمريكية ولكن بعد إبلاغها مسبقا، ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية، ولكن أقل مما هو معلن.
ويحظى هذا السيناريو بدعم عدد من قادة المستوطنات الإسرائيلية الذين يرفضون أي مقايضة للضم بقبول قيام دولة فلسطينية على 70% من الضفة الغربية، غير أن تجارب السنوات الماضية أبرزت أن تمسك نتنياهو بكرسي الحكم قد يدفعه لتبني سيناريوهات أغضبت لعالم.
وعند بدء عملية ضم الأراضي إلى الدولة الإسرائيلية، يتوقع مراقبون أن يثور الشارع الفلسطيني ضد قيادته وضد سلطة الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي قد يؤدي إلى فلتان أمني.