- الصحة اللبنانية: 4 شهداء و29 مصابا جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت
كتب – علي أبو عرمانة: رحل مساء أمس الأبعاء، السياسي اللبناني البارز محسن إبراهيم، أحد أبرز اليساريين والقوميين العرب، خلال حقبتي السبعينات والثمانينات.
ولعب إبراهيم دوراً بارزاً في نشوء الحركة الوطنية اللبنانية وارتبط اسمه بشخصيات تاريخية وبذاكرة لبنان خلال العقود الخمسة الأخيرة، كما أنه القومي العربي، الذي جعل من نفسه جزائريا وفلسطينيا ويمنيا ولبنانيا من غير حدود ولا التباس، والشيوعي الذي تمرد منحازا إلى قيمة الديمقراطية والاستقلال.
ولد محسن السيد علي إبراهيم في العام 1935 وأسهم منذ شبابه في تشكيل حركة القوميين العرب، وأسهم إسهاما كبيرا في المعارك القومية الكبرى، بدءا من مصر ومعاركها إلى الجزائر وحرب تحريرها إلى اليمن وكنس الاحتلال البريطاني عن أرضها، وظل لبنان وفلسطين حاضرين في تفاصيل نضاله المثابر حتى الرمق الأخير.
وبقيت القضية الفلسطينية وظلت، حاضرة في مشاغل وهموم إبراهيم اليومية قبل أن تصل بواكير طلائعها إلى لبنان، حيث ساهم في معارك حمايتها عبر الجبهة العربية المشاركة التي قادها كمال جنبلاط.
وأعلنت دولة فلسطين، أمس الأربعاء، تنكيس الأعلام، والحداد ليوم واحد على وفاة القائد العربي محسن إبراهيم.
رفيق درب الشهيد ياسر عرفات
بدوره، نعى تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، اليوم الخميس، المناضل اللبناني محسن إبراهيم، الذي وافته المنية يوم أمس، عن عمر يناهز 85 عاما.
وذكر تيار الإصلاح، في بيان له وصل "الكوفية" نسخة عنه، "ينعي تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح المناضل اللبناني والقومي والأممي، محسن إبراهيم، الذي وافته المنية بعد رحلة طويلة وشاقة من النضال على كل الجبهات، وبعد تجربة فريدة من العمل الوحدوي والكفاح".
وأضاف، "كان الراحل الكبير أحد أبرز الحركة الوطنية اللبنانية، وكان حليفا دائما لمنظمة التحرير الفلسطينية ومناضلا من أجل القضية اللفلسطينية ومدافعا عن الشعب الفلسطيني".
وتابع تيار الإصلاح، "برحيل محسن إبراهيم يفتقد شعبنا الفلسطيني واحدا من أبرز الأصوات العربية التي سخرت جهدها وطاقاتها وقضت حياتها تدافع عن حقوق شعبنا وثوابته، وعملت بالتزام وإخلاص من أجل تكمينه من الحرية والاستقلال".
واختتم بيانه، قائلا، إن "تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح إذ ينعي المناضل محسن إبراهيم، رفيق درب الشهيد ياسر عرفات، فإنه يجدد عهد شعبنا مع كل الأحرار في أمتنا العربية والعالم، أو يواصل كفاحه العادل والمشروع حتى تحقيق آماله وتطلعاته في الحرية وتقريرالمصير وإقامة الدولة وعاصمتها القدس".
شريك القرارات المصيرية
من جانبه، قال الوزير الفلسطيني الأسبق، حسن عصفور، إن "الراحل محسن إبراهيم، كان شريكا حقيقيا في الثورة الفلسطينية إلى جانب الشهدين كمال جنبلاط وجورج حاوي، ثلاثية من يدقق فيها سيجد قيمة تلك الحالة، حيث هزموا الطائفية سلاح المستعمرين والغزاة الراهن، جنبلاط "الدرزي من بني معروف" وجورج حاوي الأرثوذكسي، ومحسن الشيعي صنعوا جدارا واقيا ورافعا للثورة عبر جبهة لبنانية فلسطينية عليا، جسدت تطورا نوعيا في قواعد العمل الكفاحي – الثوري الجديد، ولكن أعداء نهوض الأمة، كانوا لها بالمرصاد".
وأضاف عصفور، "لم تهزه طعنات بعض العرب المفترض أنهم شركاء في مواجهة الغزاة القدماء منهم والجدد، فكنت الحاضر الدائم مع قيادة الثورة الفلسطينية بعد الرحيل إلى تونس، كما كان شريكا في القرارات المصيرية التي فرضتها ظروف ما بعد الرحيل، ولعب أدوارا لا يمكن لغيره أن يقوم بها، فهو من عمل على تطويق آثار زيارة الخالد أبو عمار إلى طرابلس عام 1983 وما تلاها من زيارة القاهرة في حينه، أحداث عصفت بوحدة الثورة، فكانت الحكمة والرؤية السياسية الحادة لعلاج ما ظهر أنه بلا علاج".
وتابع، "كانت المفاجأة الكبرى فيما عرف بمفاوضات أوسلو السرية يناير 1993 حتى أغسطس 1993، وتشكلت "خلية أوسلو" بقيادة الخالد أبو عمار، وكات محسن إبراهيم الى جانب محمود عباس وياسر عبد ربه وأحمد قريع وحسن عصفور خلية "الأزمة السياسية التفاوضية".
وأردف، "هو من اقترح انشاء دائرة شؤون المفاوضات في إطار منظمة التحرير مايو 1994 بعد الانتهاء من توقيع الاتفاق الأول في طابا (غزة – اريحا)، لتكون هي جهة متابعة العمل التفاوضي بدلا من توزعها عبر لجان متبعثرة".
واختتم عصفور، قائلا، "سلاما يا مدرسة الفكر والسياسة قبل الممارسة النضالية، سلاما يا من امتلك إلى جانب ذلك خفة دم لا يجاريك فيها غيرك، سلاما يا رفيق، وداعا يا محسن إبراهيم وفي طريقك لروح رفاقك وقائدهم العام أبو عمار سلاما".
رفيق النضال
من جهته، نعى الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نايف حواتمة، المناضل القومي، محسن إبراهيم.
وقال حواتمة، "أتقدم منكم جميعاً، بأصدق العزاء والتضامن برحيل الأخ والرفيق والصديق العزيز والشريك في النضال أبو خالد، الذي صنعنا معه، في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وفي منظمة العمل الشيوعي، كما في الحركتين الوطنيتين الفلسطينية واللبنانية صفحات مشرفة في خدمة قضايا شعبينا وقضايانا الوطنية والقومية".
وأضاف، "مع رحيله المحزن نكون قد خسرنا رفيق طريق، عشنا معه حلاوة النضال ومرارته، واجتزنا الصعوبات معاً، وبنينا الأساس المتين للوحدة النضالية لشعبينا في أكثر المراحل النضالية صعوبة".
واختتم حواتمة، قائلا، "تشاركنا معاً في مقاومة الغزو الإسرائيلي للبنان، في معركة صمود بيروت، ومعارك تحرير البلاد من الاحتلال، وسيحفظ التاريخ للصديق العزيز أبو خالد أنه واحد من أبرز من أطلق المقاومة الوطنية اللبنانية، ليكرس نهج المقاومة في صفوف القوى الوطنية اللبنانية، لكم أيها الأعزاء جميعاً، ولعموم الرفاق في منظمة العمل الشيوعي، وعموم المناضلين اللبنانيين، على اختلاف اتجاهاتهم، محبتنا، مشاعرنا الصادقة".
مؤسس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية
من ناحيته، أكد حزب الشعب الفلسطيني، أن المناضل اللبناني محسن ابراهيم، "اضطلع بدور مميز في حالة النهوض التي شهدتها المنطقة العربية منذ خمسينات القرن الماضي، وأسهم بفعالية بكل ما يملك من فكر وطاقة قيادية في انطلاقة حركة القوميين العرب، وأسهم في المعارك الكبرى ضد الهيمنة والاستعمار ومن أجل تحرر الشعوب العربية".
وأضاف الحزب، في بيان وصل "الكوفية" نسخة عنه، "كما وقف محسن ابراهيم بكل صلابة إلى جانب شعبنا الفلسطيني في لبنان وفي مواجهة كل محاولات النيل من صموده ومقاومته وما كان يتعرض له من اضطهاد وتمييز".
وتابع، "وفي سياق التطور اللااحق، أسس محسن ابراهيم منظمة العمل الشيوعي في لبنان التي شكلت بقيادته ركناَ أساسياَ من أركان الحركة الوطنية اللبنانية، حيث ربطته علاقة نوعية مع منظمة التحرير الفلسطينية، كما ارتبط بعلاقات مميزة مع القوى الفلسطينية كافة، مكنته من الاسهام بشكل مباشر في رأب الصدع وحل الخلافات التي كانت تنشأ بين حيناَ وآخر على الساحة الفلسطينية وحتى بين الأحزاب والقوى اليسارية والتقدمية العربية".
وبين، أنه "أسهم بالتعاون مع رفيق دربه القائد الشهيد جورج حاوي في تأسيس وإعلان جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) في مواجهة الاحتلال الصهيوني"، لافتا إلى أن الحزب ربطته علاقات جيدة مع الرفيق الراحل محسن ابراهيم ومع منظمة العمل الشيوعي في لبنان.
وأكد الحزب، في ختام بيانه، أن "شعبنا الفلسطيني لن ينسى لمحسن ابراهيم مواقفه وكفاحه الصلب في الدفاع عن قضايا التحرر والعدالة والديمقراطية وفي المقدمة منها قضية شعبنا الفلسطيني، تلك القضايا التي بقيت حاضرة في تفاصيل نضاله المثابر حتى الرمق ، لروح الراحل السلام والنصر لشعبينا اللبناني والفلسطيني".
خسارة لحركات التحرر العربية والدولية
بدورها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن رحيل القائد القومي العروبي واليساري المناضل محسن إبراهيم، طوى مرحلة من مراحل النضال في لبنان والمنطقة، احتل فيها الراحل الكبير موقعه المتقدم، في قيادة الحركة الوطنية اللبنانية وفي دعم وإسناد القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية المشروعة لشعبها، ومقاومته في الدفاع عن مخيماتها ضد ما تعرضت له من أعمال عدوانية على يد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت الجبهة، في بيان لها وصل "الكوفية" نسخة عنه، "سيبقى التاريخ يسجل للراحل الكبير محسن إبراهيم أنه إلى جانب رفيقه جورج حاوي، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، من وقع وثيقة إطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) في أعقاب رحيل القيادة الفلسطينية عن لبنان، فكرست بذلك نهج المقاومة للاحتلال وكل أشكال التبعية له".
وخلصت الجبهة بالتأكيد أن رحيل القائد الكبير يشكل خسارة للبنان، ولحركات التحرر العربية والدولية، وستبقى ذكراه جنباً إلى جنب مع ذكرى الكبار من قادة العمل الوطني والقومي واليساري في لبنان الشقيق، مقدمة تعازيها إلى الشعب اللبناني، وقواه السياسية كافة، وإلى منظمة العمل الشيوعي في لبنان، وإلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وإلى كل رفاق وأصدقاء ومعارف الراحل الكبير، كما خصت بالتعزية أخوة الراحل الكبير وأشقائه وعموم آل إبراهيم الكرام".
كبير في زمن الكبار
برحيل المناضل الكبير محسن إبراهيم، نفقد قامة فكرية ووطنية من النادر أن تجمع مواصفات القيادة والإلتزام والرؤية، فقد كان كبيرا في زمن الكبار، كبيرا في حضوره اللبناني والعربي، وتأثيره وشجاعته التي مارسها نقدا ذاتيا، عندما تطلبت الشجاعة النقد.
انغمس منذ بداياته في القضايا العربية المتشعبة بأزماتها وتعقيداتها، ما أتاح له ترك بصمته الواضحة، سيفتقده لبنان وستفتقده فلسطين، وسيفتده الأمة العربية، وجميع أحرار العالم.