الكوفية:لا تزال الضغوط «الإسرائيلية» والأمريكية تحول دون إخراج المبادرة الأوروبية للاعتراف المشترك بدولة فلسطين إلى حيز الإعلان الفعلي كرد جماعي أوروبي على خطة التسوية الأمريكية المسماة ب«صفقة القرن»؛ بهدف خلق الظروف المؤاتية لإعادة إطلاق المفاوضات على أساس «حل الدولتين».
الموقف الأوروبي في هذا الاتجاه ليس جديداً؛ لكنه ليس موحداً تماماً على ما يبدو، على الرغم من وجود تمايز، في الأصل، في النظرة الأوروبية للقضية الفلسطينية عن تلك الأمريكية التي لا ترى إلا بعين واحدة، وتقوم على توفير الحماية والدعم المطلق لدولة الاحتلال؛ لكن هذا التمايز ظل خاضعاً على الدوام، ليس فقط للضغوط السياسية، وإنما للضعف الأوروبي في اتخاذ قرارات منفصلة بهذا الحجم بمعزل عن السياسة الأمريكية التي يدور في فلكها. ومع ذلك، يجدر بالقيادة الفلسطينية أخذ التوجه الأوروبي بعين الاعتبار، والتعامل معه بجدية، والعمل على تطويره ودفعه نحو اتخاذ قرارات توضيحية في دعم القضية الفلسطينية، والبناء عليها في المحافل الدولية؛ لمواجهة خطة ترامب - نتنياهو للتسوية، وعدم الاكتفاء بعقد الاجتماعات التشاورية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، خصوصاً وأن هناك تحركاً أوروبياً مهماً بدأه وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبورن، بمناقشة المبادرة الأوروبية المشتركة مع وزراء خارجية فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيرلندا والبرتغال وفنلندا والسويد ومالطا وسلوفينيا، أعقبته رسالة بعث بها اسيلبورن إلى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، ووزراء خارجية الدول الأعضاء، شدد من خلالها على أن على الاتحاد الدفع ب«حل الدولتين»؛ وذلك عبر خلق ظروف متكافئة سياسية بين الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي». وتضمن الرسالة ضرورة عقد جلسة مناقشات بمشاركة جميع الدول الأعضاء في الاتحاد؛ بهدف فحص إمكانية اعتراف مشترك بدولة فلسطين. وهنا لا بد من الإعادة للأذهان أن العديد من برلمانات الدول الأوروبية ناقشت خلال السنوات الأخيرة إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين، وبعضها اتخذ توصيات بهذا الشأن، فيما أعلنت السويد في عام 2014 اعترافها الكامل بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وقد ترجمت السويد موقفها بالفعل بإعلان رفضها الصريح ل«صفقة القرن»، كما جاء على لسان وزيرة خارجيتها آن ليندي، قبل أيام قلائل في 17 فبراير/شباط، حين قالت: «إننا نحتاج إلى حل يسهم فيه الفلسطينيون بشكل مباشر، وليس فرض خطة عليهم دون مشاركتهم فيها». كما أن هناك مواقف أوروبية متقدمة على صعيد رفض الاستيطان، ووسم منتجات المستوطنات في الأراضي المحتلة.
أهمية التحرك الأوروبي أنه يقوم أساساً على رفض «صفقة القرن»، ويسعى إلى خلق ظروف متكافئة يمكن من خلالها إعادة التوازن لعملية التسوية؛ من خلال «حل الدولتين»، وهو موقف مهم جداً بالنظر إلى ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وفي ظل مباشرة لجنة أمريكية - «إسرائيلية» رسم خرائط الضم في الضفة الغربية المحتلة، ريثما يتمكن الفلسطينيون من العودة للبرنامج الوطني الذي يقوم على خيار المقاومة بكل أشكالها؛ للمحافظة على الحقوق الوطنية التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطيني، وتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال.
الخليج الاماراتية