لا يملك فلسطينيو الداخل أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وقواهم السياسية الفاعلة المؤتلفة بصبر وقوة وخيار واقعي صائب في إطار القائمة المشتركة العربية العبرية، لا يملكون ترف المفاضلة بين حكومة يمينية متطرفة يقودها الفاسد نتنياهو، وحكومة أغلبها يمين يقودها الجنرال بيني غانتس، فكلاهما من طينة سياسية متشابهة.
ولكن الأولوية الآن، والهدف المركزي لدى القائمة المشتركة، منع نتنياهو من تشكيل الحكومة، وعدم تحصيله مقاعد برلمانية كافية تصل إلى 61 مقعداً، وفشله للمرة الثالثة في انتخابات الكنيست 23 يوم 2/3/2020.
أما الهدف الثاني للقائمة المشتركة العربية العبرية، فهو دفع بيني غانتس للتسليم بعدم قدرته على تشكيل حكومة من حزبه أبيض أزرق مع حزبي العمل وميرتس، بدون غطاء برلماني من القائمة المشتركة، أسوة بما فعل إسحق رابين عام 1992، حينما شكل حكومته مع ميرتس بغطاء برلماني من النواب الفلسطينيين الخمسة أعضاء الكنيست في ذلك الوقت، كانوا ثلاثة من الشيوعيين واثنين من الحزب الديمقراطي العربي.
كان الفلسطينيون خمسة نواب، واليوم لديهم 13 نائباً ومتوقع لهم الزيادة إلى 14 ويمكن 15 مما يعزز من دورهم وتأثيرهم، كقوة ردع فلسطينية، ومدماك صلب في مواجهة جموح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي باتجاهين: أولهما التسليم بحقوق المجتمع العربي الفلسطيني في العيش الكريم على أرض وطنهم في مناطق 48، وتحقيق المساواة لهم أسوة بالمواطنين الإسرائيليين اليهود العبرانيين، وثانيهما بحقوق أبناء الضفة والقدس والقطاع بالاستقلال، ولذلك يرفعون شعارهم المركزي بالمفردتين: المساواة والسلام.
الشيء المؤكد أن البعض سيسأل وأين هي حقوق المكون الفلسطيني الثالث من اللاجئين بالعودة، وهو أبرز أهداف النضال الفلسطيني، فيكون الرد لن يتوفر حق العودة قبل توفر شرطي المساواة والاستقلال، فالنضال تراكمي تدريجي، والأولوية الآن كسب انحيازات إسرائيلية لعدالة المطالب والحقوق والأهداف الفلسطينية، وكلما كانت واقعية وعملية، وضمن برنامج تدريجي تراكمي، أزالت معيقات تحقيقها وإنجازها.
المهم التسليم والثقة بصواب خيار القائمة المشتركة؛ لأن تحقق برنامجها القائم على دعامتين هما: 1- تحالف ووحدة كل قوى وأحزاب المجتمع العربي الفلسطيني الفاعلة، 2- مشاركة إسرائيليين معهم في التحالف يؤمنون بعدالة المطالب الفلسطينية ويقفون بصلابة ضد سياسات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، ضد الصهيونية والعنصرية والاحتلال، والتطلع إلى الحياة المشتركة على قاعدة الندية والمساواة واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة.
هدفا القائمة المشتركة الآن منع نتنياهو من الحصول على الأغلبية البرلمانية وإفشاله في تشكيل الحكومة، وتسليم بيني غانتس بضرورة الاعتماد على القائمة المشتركة حتى يتمكن من تشكيل حكومة أقلية تعتمد على النواب الفلسطينيين ستكون بمثابة صفعة سياسية للتحالف الثلاثي الذي يقوده نتنياهو المكون من: 1- اليمين، 2- اليمين الاستيطاني المتطرف، 3- واليهود المتدينين المتشددين، وبمثابة انقلاب سياسي في مسار حكومات المستعمرة؛ لأن هذه النتيجة تعني سياسياً وواقعياً التسليم بالشراكة العبرية العربية، والإسرائيلية الفلسطينية، والتسليم باستحقاقات هذه الشراكة وأولها تحقيق خطوات المساواة على قاعدة المواطنة في الحقوق والاستجابة لمطالب الأحزاب العربية الفلسطينية، والانتصار لبرنامجهم في الإسكان والعمل، وإلغاء قوانين التمييز والعنصرية التي شرعتها الكنيست خلال السنوات الطويلة الماضية وهي قوانين: يهودية الدولة، الهدم، إلغاء اللغة العربية، استعادة ممتلكات أملاك الغائبين المصادرة، توسيع مسطحات البناء، التمييز في مخصصات البلديات وغيرها.