منذ أن قررت "قوى غزة" تحويل مسيرات "كسر الحصار" من يومية ثم اسبوعية، الى وقفها زمنا على أن تعود شهرية منذ مارس 2020. ومع انطلاق الحملة الانتخابية الإسرائيلية، وحركة حماس مع بعض تابعيها تعمل على خلق "أجواء ساخنة" بين قطاع غزة وبلدات الكيان، عبر ما يعرف بـ "البالونات الحارقة".
دون أي تردد فكل شكل لمقاومة العدو القومي والمحتل، لو كانت في سياق وطني عام، وضمن رؤية تخدم الهدف العام، هو حق لا بد منه، ومن لا يقوم به ليس سوى منكسر الجناح لا أمل له بتحقيق أي من أهداف شعبه، ولكن هل حقا ما تقوم به حماس وتابعيها، من وراء حركة "البالونات الحارقة" او "الصواريخ المنفلتة" بين حين وآخر يمكن اعتبارها جزءا من تلك الأداة الكفاحية المقاومة، أم هي شكل جديد من ألاعيب تحسين شروط "تفاهمات سياسية" سرية بينها وبين حكومة نتنياهو برعاية قطر، وموافقة أمريكية.
بلا جدل، حماس تدرك تماما، ان تلك البالونات لا تقدم ولا تؤخر في تغيير معادلة المواجهة، وأن رد الفعل الإسرائيلي أعلى صوتا عليها وأكثر أذى، بكل جوانبه، رغم ان كلاهما لا يعملان للخروج عن "معادلة التفاهمات"، بعدم السيطرة المحسوبة عليها، كما فعلت حركة الجهاد انتقاما لاغتيال الشهيد أبو العطا، فشكلت صواريخ الجهاد ضربة سياسية فاضحة لموقف حماس الحقيقي من "الرد العسكري"، لم تقف متفرجة فحسب، بل أرسلت عبر وسائط عدة، وشخصيات منها، رسائل الى تل أبيب انها ضد ما فعلته الجهاد.
"لعبة البالونات الحارقة" تكتيك مضاف يمكنه أن يخدم اليمين الإسرائيلي المتطرف، وخاصة في الضفة الغربية والقدس، الى جانب تنامي الدعوات لمزيد من إجراءات الفصل مع قطاع غزة.
"لعبة المناورات" الراهنة تذكر، بشكل أو بآخر، بتلك العمليات العسكرية التي نفذتها حماس بعد اتفاق أوسلو بتوافق مع بعض دول عربية، وتواطئ الشاباك الإسرائيلي، لكسر اندفاعة الاتفاق، الذي أربك "التحالف المعادي لمنظمة التحرير" وزعيمها الخالد ياسر عرفات...
المعركة الراهنة بين الشعب الفلسطيني والعدو القومي، ليس مع غزة أو على غزة، فكل أطرافها يدركون أنها خارج المعادلة السياسية، بل جوهر الحرب السياسية الفكرية والهوية على الضفة والقدس، تهويدا وضما لإقامة "دولة اليهود"، مع فصل للقطاع، معركة تعمل حكومة الإرهاب الحاكمة في تل أبيب، بكل السبل على تعزيزها بأسرع ما يمكنها.
ولا يفوتها ابدا أن تستخدم لعبة البالونات الحارقة أو "الصواريخ المنفلتة"، فتعمل على تضخيم "خطر حماس" في الضفة وصواريخه الغزية لتنشر جوا من مبررات الضم والتهويد، ومن يراقب حركة الإعلام العبري كيف تسير بتناغم بين زيادة سرعة قطار التهويد، والحديث عن "قوة حماس المتعاظمة" في الضفة الغربية، وأنها ستصبح القوى المسيطرة على المؤسسة الفلسطينية لو ترك لها الأمر.
بعض أنصار حماس يتعاملون مع "المناورات الإعلامية" لعدو يدرك تماما "العقلية الإخوانية"، وكأنها حقيقة وليس لعبة لتمرير مخططهم واستغلال حماس كأداة تهويل "وفزاعة" لخدمة ذلك، ولذا يربط إعلام دولة الاحتلال بين "صواريخ حماس وبالوناتها" ومشروع التهويد...
لو حقا، ان المسألة العسكرية جزء حاضر في "منهج حماس وتابعيها" لكانت الضفة والقدس مركزها، ولن نقول ما قالت حماس يوما، ان كل أرض فلسطين مسرحا لعملهم العسكري، الذي لم ينفذ سوى لخدمة تدمير اتفاق طعن المشروع الصهيوني في مقتل، ومنذ 14 عاما لم تعد هناك أي مظاهر عسكرية لـ "مقاومة حماس" كما كانت قبلها.
قطاع غزة ليبس مسرح المواجهة مطلقا مع المشروع الصهيوني، بل هو قاعدة تعزيز لبناء المشروع الكياني الفلسطيني، وكل مناورة غير ذلك ليست سوى خدمة مدفوعة "الثمن" لهدف قادم عنوانه "كيان غزة المستقل"!
ملاحظة: تصريح وزيرة الصحة كيلة، بشكرها الرئيس عباس على "تبرعه السخي" للقطاع الصحي داخل الوطن وخارجه، فتح بابا السخرية، هل هو تبرع من "حر ماله الشخصي" ام تنازل عن نصف راتبه لسنة أو سنيتن... النفاق علم وفن فتعلموه!
تنويه خاص: نقل السفارات من تل أبيب الى القدس بات خبرا...حتى فعل الكلام بات تافها الى درجة لم يعد يجذب قارئا...هل باتت ثقافة الاستسلام واقعا...هل حقق قادة عدونا وعدهم بكي "الوعي الفلسطيني" يا أصحاب الجعجعة!