في ظل قيام حركة حماس بالبحث عن ترسيخ "كيانها الانفصالي الخاص"، وإدخال الساحة الفلسطينية في حرب سياسية مركبة، تقوم دولة الكيان الإسرائيلي بالذهاب بعيدا نحو ترسيخ "مشروعها اليهودي" في الضفة الغربية والقدس.
لم يعد الحديث عن التهويد كلاما أو تقديرا، او مخاوف بدأت عمليا منذ اغتيال الخالد ياسر عرفات كمقدمة ضرورية لذلك، بل بات "واقعا قائما" يسير بسرعة فائقة يتجاوز كل ما أعلنته الحركات الصهيونية قبلا...
تسارعت "قاطرة التهويدي" بلا حواجز منذ اعلان وزير الخارجية الأمريكية بومبيو في شهر نوفمبر 2019، ان المستوطنات الإسرائيلية في الضفة والقدس لا تخالف القانون الدولي و "بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة ... على ان (إنشاء) مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي".
وفي يناير 2020، أعلن السفير الأمريكي فريدمان، رسميا افتتاح المرحلة الجيدة من التهويدي العلني، باعتباران الضفة الغربية هي "يهودا والسامره"، ما أطلق العنان الرسمي للحكومة الإسرائيلية ووزير جيشها الإرهابي بينيت، مسارعة الخطى في تحقيق الحلم الصهيوني باستبدال "الهوية الفلسطينية" لأرض الضفة الغربية، والتي أكدها اتفاق "اعلان المبادئ – أوسلو 1993" بأن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة، أرض فلسطينية، ال اعتبارها "أرض يهودية". (ليدرك البعض لما قامت أطراف فلسطينية بالتحالف مع اليمين الإرهابي في إسرائيل لاغتيال ذلك الاتفاق عبر عمليات منسقة، اغتيال رابين وعمليات عسكرية بثمن متأخر).
يوم 15 يناير 2020، قفز اليميني الإرهابي بينيت خطوة كسرت كل "الحدود السياسية"، بأن أعلن عن إنشاء 7 محميات طبيعية جديدة في منطقة "ج"، والتي هي جزء من أرض الضفة الفلسطينية، مؤكدا "اليوم نعطي أرض إسرائيل قوة كبيرة، ونواصل تطوير المستوطنات اليهودية في المنطقة ’ج’ بالأفعال، وليس بالأقوال".
مرحلة صراع جديدة فتحها ذلك الإعلان، بأن أصبحت الضفة الغربية هي جزء من أرض إسرائيل، دون أن يصاب برعشة ما من رد فعل ما، وكأنه يعلم يقينا "حدود" الرد الفلسطيني، رسميا وشعبيا، ولن يخرج عن بيانات لن يضيع وقته في قراءتها كي لا يخسر "زمنا من زمن التهويد".
هل هناك ما هو أكثر اعلانا صريحا بخطف الهوية الفلسطينية، عبر بيان رسمي من وزير الجيش الإسرائيلي، الذي يرأس المؤسسة الأمنية بكاملها، تلك المؤسسة التي تنسق معها سلطة رام الله أمنيا، دون ان يقيم لخدماتهم "الرخيصة" قيمة، فلا مكان لمن يسترخص شعبه، ولا احترام لمن يسترخص قضيته الوطنية.
بينيت ذاته الذي يشرف على تنفيذ "تفاهمات حماس – إسرائيل" يعلم جيدا، وعبر الواقع والتقديرات الاستخبارية، أن حركة حماس لا تبحث سوى "تعزيز كيانها الخاص"، الذي تنتظره الحركة الإخوانية منذ تأسيسها، ويدرك أن "التفاهمات" وتفاصيلها أكثر قدسية لديها من القدس والضفة، ودولة فلسطين، ولذا بدأت دولة الكيان تسارع خطاها في تغذية المشروع الحمساوي الانفصالي بالتوازي مع تغذية المشروع التهويدي.
هل هناك ضرورة لأن يقال، بأن الموقف الرسمي الفلسطيني بكل مكوناته، هو الأداة الفعلية لتكريس "التهويد" في الضفة والقدس، هل من ضرورة للتأكيد، ان كل بيان كلامي منها يمثل إضافة "حجر جديد" في ذلك البناء، وأن حكومة الكيان قد تكون جزءا من صياغتها، كونها تمثل تهديدا عمليا للروح الفلسطينية، ودلالة على انهيار كل أدوات "تدفيع الثمن" للفاشية الجديدة المعاصرة التي تحتل أرض فلسطين، وأحالتها لـ "أرض إسرائيل"..
هل أصبح العقل الفلسطيني المسكون بتاريخ كفاحي طويل بحاحة لصياغة "أدوات سياسية جديدة"، أي كان حجمها، تبدأ في مواجهة مصادرة أرض فلسطين ...
15 يناير 2020، مرحلة تاريخية جديدة في مسار القضية الوطنية الفلسطينية، أنهت رحلة وفتحت باب مرحلة...والتاريخ لا ينتظر متردد وجبان، وبالقطع من باع ذاته لشيطان تهويدي بمشروع انفصالي...
فصائل منظمة التحرير وداعا...والى لقاء مع حدث تاريخي كفاحي قد لا يطول ولكن بغير من أضاع حقا!
ملاحظة: كأن "التفاهمات" تتطلب "لعبة الصواريخ" الصوتية، تستجلب "قصفا صوتيا"...يصبح الخبر قصفا بقصف "عسكري"...لعبة عسكرية جاءت لتغطي على خبر بناء "المحميات"، معقوووول صدفة!!
من طرائف الغازي التركي قوله، انه لا يحتل ليبيا ولكنه لن ينسحب منها...حتى الغباء بات تركيا!