الكوفية:تواصل "تنفيذية منظمة التحرير" بحلتها المنتخبة عن مجلس المقاطعة يناير 2018، تخليها عن دورها كقيادة "شرعية" للشعب الفلسطيني وتهجر مكانتها السياسية بشكل "وعي"، بعد أن أصر رئيسها محمود عباس أن يحيلها الى "لجنة استشارية" له بلا حول ولا قوة، عدا صور وبيانات وامتيازات.
للمرة الأولى في تاريخ منظمة التحرير تعقد اللجنة التنفيذية اجتماعات تسميها "تشاورية" بدون حضور رئيسها، ما يشير الى عملية اضعاف للدور والمكانة، خاصة وكل ما يصدر عنها لا يمثل "قيمة سياسية"، ولا يحمل صفة التنفيذ العملي، وبدأت تتصرف وكأنها هيئة ملحقة بمكاتب مستشاري الرئيس، الذين قد يستمع لهم أو لا، يقرأ ما يكتبون أو يتجاهل.
وضمن حركة "الدعاية السياسية" برفض "إعلان بومبيو" حول شرعنة الاستيطان، عقدت "اللجنة الاستشارية للرئيس محمود عباس (تنفيذية منظمة التحرير سابقا) اجتماعا، تحدثت عما جال بخاطر الحاضرين، وصدر عنها بيانا يمثل نقطة تحول نحو انهاء الدور التاريخي للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
يوم 24 نوفمبر 2019، أصدرت "اللجنة التنفيذية" في الاجتماع التشاوري بيانا طالبت مما طالبت بـ " ...تنفيذ قرارات المقاطعة الشاملة للاحتلال، وذلك بالتخلص من كل الاتفاقات معه وسحب الاعتراف منه ومنع بضائعه من دخول أراضينا المحتلة ودعم حركة المقاطعة الدولية لفرض العزلة والطوق عليه". وفقا لما وزعه مكتب صائب عريقات أمين سرها، ونشرته لاحقا وكالة السلطة الرسمية "وفا".
ليس مهما ما جاء في البيان مما هو مطلوب العمل من "قيادة" الشعب الفلسطيني، فالقرارات باتت محفوظة عن ظهر قلب منذ العام 2015 وحتى تاريخه، من سحب الاعتراف المتبادل الى اعلان دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة لعام 2012 رقم 19/ 67، مرورا بوقف التنسيق الأمني وفك الارتباط بسلطة الاحتلال، وفرض مقاطعة حقيقية على منتجاتها، ومحاصرة المستوطنين. لكن المثير هنا، ان اللجة تطالب بضرورة "تنفيذ تلك القرارات".
والسؤال، أليس من صلب دور اللجنة التنفيذية، تنفيذ القرارات، التي سبق لأمين سرها عريقات ان أعلن مرارا وتكرارا أن هناك "آلية تنفيذية" لتطبيق قرارات المجالس المركزية والوطني، أليس هي الجهة المنتخبة والموكول لها، تنفيذ قرارات "الشرعية الرسمية"، أليست هي الجهة التي لها حق سحب الاعتراف المتبادل مع دولة الكيان، دون الرجوع لأي جهة أخرى، استنادا لما تملك من قرارات، أليس من صلاحياتها دون غيرها، اعلان دولة فلسطين لتحل مكان السلطة الفلسطينية، وهي المرجعية العليا لكل مكونات السلطة.
ولذا، عندما تطالب اللجنة التنفيذية بتنفيذ القرارات، من هو المطلوب منه ذلك، وهل هناك "جهة عليا" تمتلك حق النقض على قرارات الخلية القيادية الأولى لمنظمة التحرير، وهل تحول القرار من قيادة المجموعة الى قيادة الفرد الواحد الأحد، وهو وحده دون سواه من يقرر أن يكون او لا يكون تنفيذ قرارات الشرعية.
هل تدرك فصائل منظمة التحرير المشاركة في هذه اللجنة انها تمنح بذلك أي قوى غير ممثلة بها بالتشكيك بشرعيتها، لأنها لا تلتزم بقانون ولا قرار، وأنها تخلت طواعية عن مكانتها ودورها الى فرد، لا يمكن ان يكون هو "الممثل الشرعي الوحيد".
قد يقول من بين الفاقدين القدرة السياسية، ان الخالد ياسر عرفات كان "فردا مقررا" ولا قرار بدونه، وهذا في الغالب صحيح، لكنه لم يأخذ يوما قرارا خارج الإطار الشرعي، ويعمل بكل السبل ليكون قرارا جماعيا، ومن يتحفظ يعلن. حتى اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو 1993) لم يعلن سوى بعد أن اقرته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ودون التوقف عند غياب أي موقف جاد لهذه اللجنة، فناقوس الخطر هو تنازلها الكلي عما هو حق وقانون، لما ليس حقا ولا قانونا...التنفيذية تنازلت طواعية عما لها، وهو ما سيحقق رغبة بعض المتشككين، بأنها جهة فاقدة الشرعية، ولم تعدد ممثلا للشعب الفلسطيني بل أداة لخدمة فرد لا أكثر.
ناقوس خطر جديد ضد الشرعية الوطنية سيخدم عمليا المشروع المعادي الرامي لتدمير المشروع الوطني...وكل بيانات غير ذلك لا تساوي خطوة عملية قامت بها تلك اللجنة...
كأنهم يحققون رغبة مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي عام 1980 "باي باي م ت ف"...من باب وداعا لـ "اللجنة التنفيذية أولا".
ملاحظة: غريب ان غابت "هيئة القوى والفصائل " في قطاع غزة عن تحديد موقفها من الدعوة للمواجهة في الضفة والاضراب في المؤسسات التعليمية رفضا لـ "إعلان بومبيو"...هل فاتها الأمر أم انه ليس منها!
تنويه خاص: تحالف "العمائم السوداء" بدأ يفقد السيطرة على حركة الخداع العام التي حاول تمريرها عبر اشكال متعددة...يدرك قبل غيره ان التاريخ لن يعود للوراء وان "نور سياسي" قد أطل بأقدام منتفضين...!