- مسيرات إسرائيلية تقصف مجموعة مواطنين في حي الحشاشين شمال غرب رفح جنوب القطاع
- مستوطنون يبدؤون اقتحام المسجد الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح اليهودي
- تأجيل الدوام حتى الساعة 8.30 في مناطق مدينة طولكرم والضواحي وفرعون بسبب اقتحام الاحتلال
قد يبدو أن هذا المقال قراءة فيما يجري في أيامنا الراهنة، في ملف أزمة التسلح النووي المستمرة بين أمريكا وكوريا الشمالية، لكن النظر في الأبعاد المختلفة لهذه المشكلة، يطرح ظاهرة أبعد مدى من حدود المشكلة الكورية، وتتعلق بإدارة الرئيس ترامب للسياسة الخارجية بشكل عام، وما ينطبق على تعامله معها، بنهج يكاد يكون متماثلاً في قضايا تختلف عن بعضها.
وإن كانت الحالة الكورية التي تتحرك فيها الإدارة الأمريكية كبندول الساعة، باندفاع أحياناً إلى أقصى درجات التشدد، وبالعودة إلى النقيض، باستخدام لهجة التهدئة، وهو ما يضفي على إدارة ترامب صفات منها الغموض، ومنها الوقوف عند حدود المسارين المتباعدين بلا قرار، سواء بالحرب، أو باتفاق للسلام. ويذكر أن ترامب قبل لقائه في قمة 2018 مع كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية، أعلن أنه سينهى الحرب الكورية، ويقيم سلاماً دائماً في شبه الجزيرة الكورية، باتفاق على معاهدة سلام لتسوية دائمة للنزاع.
والمفترض في دولة كالولايات المتحدة، لا تنبني فيها الرؤية السياسية على انفراد الرئيس بصناعة القرار، بل يتم التوافق على القرار في القضايا التي تمس الأمن القومي مع رئيس وأعضاء مجلس الأمن القومي، بمن فيهم وزيرا الخارجية والدفاع. ولم يكن أي رئيس أمريكي يحصر تفكيره فيما تسفر عنه هذه اللقاءات الرسمية، بل يستعين كذلك بأصحاب الخبرات المتراكمة في أي قضية يود أن يصنع لها سياسة خارجية، وهؤلاء هم النخبة المتخصصة في مثل هذه القضايا، لكن ما فعله ترامب كان مخالفاً لذلك. وهذا هو ما كشفت عنه قراءة الملف الكوري، من عدم استعانة الرئيس بأفكار ومقترحات دوائر النخبة.
كانت البداية عقب إطلاق كوريا الشمالية صواريخ جديدة بعد فترة انتظار لأن تسفر الدبلوماسية عن انفراج بين الدولتين. ثم جاء تهوين ترامب من قيمة تلك التجارب الصاروخية.
في الحال تلاحقت المواجهات الرافضة لوجهة نظره، سواء من داخل إدارته نفسها، أو من جانب الخبراء المستقلين. وكان من أبرزها ما أعلنه مارك إسبر وزير الدفاع في مؤتمر صحفي بقوله إننا نشعر بالقلق من هذه التجارب من جانب كوريا الشمالية وتتابعت وجهات النظر المشابهة، إلى حد قول مسؤولين بالمخابرات الأمريكية بأن هذه التجارب تتيح لكيم تجربة صواريخ ذات مدى أكبر مما هو متاح لها الآن، بما يمكنها من التغلب على الدفاعات الأمريكية في هذه المنطقة من آسيا. وكما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن فيبين نارانج أستاذ العلوم السياسية بمعهد التكنولوجيا بجامعة ماساشوسيتس، وصاحب الدراسات عن التقدم في تسلح كوريا الشمالية: «إن ما يجري مؤخراً من تجارب يمثل تحركاً سريعاً في الإطلاق والمناورة، إنما يمثل كابوساً للدفاعات الصاروخية الأمريكية، وأنها مسألة وقت قبل أن تتطور هذه الأسلحة إلى صواريخ بعيدة المدى، يمكنها أن تحمل رؤوساً نووية أو تقليدية».
ولم تتوقف التقديرات المخالفة التي انفرد بها ترامب، عند الداخل الأمريكي، بل شارك في نفس الرؤية، شيزو آبي رئيس وزراء اليابان. وكانت كوريا الشمالية قد توقفت عن إطلاق الصواريخ لمدة عام، أملاً في تخفيف إدارة ترامب العقوبات عليها. لكن المسار الدبلوماسي توقف عند القمة الثانية في هانوي بين ترامب وكيم.
وفي تحليل لرئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس يقول، إن ترامب يريد أن يبدو متشدداً، ثم يعود بعدها لإطلاق مبادرة دبلوماسية. وإن طريقته في علاج نزع السلاح النووي غير واقعية. وربما كان من أسباب قلق ترامب أن التهديد الحقيقي في حالة تجدد النزاع، لا ينحصر فقط تجاه كوريا الجنوبية واليابان، بل يهدد 28500 جندي أمريكي مرابطين في كوريا الجنوبية.
والمشكلة هنا، والتي تظهر ليس فقط في انفراد ترامب بقرار السياسة الخارجية، في خروج على التقاليد التي كانت مراعية في عهود جميع الرؤساء الذين سبقوه، بل أيضاً في كثرة تغييره لوزرائه ومعاونيه.
وربما كان من نماذج التناقض في اختياراته أو ما سمي بحالة الفوضى داخل البيت الأبيض، اختياره جون بولتون مستشاره للأمن القومي، والذي استبعده ترامب من منصبه بعد أقل من عام. فترامب لا يكف عن القول إنه لا يسعى إلى حروب أو نزاعات، وإنه يفضل الدبلوماسية، وكذلك قوله إن غزو العراق كان خطأ جسيماً. وهذا شيء لا يستقيم مع تاريخ بولتون، المعروف.
الصورة توضح أن اختياراته ذات طابع انفرادي من جانبه، ومن ثم ظهر التفاوت الكبير بين وجهة نظره، ووجهات نظر الخبراء المختصين، حتى في داخل حكومته.
الخليج الاماراتية