يبدو أن حركة النهضة فرع جماعة الإخوان المسلمين في تونس ظنت وبعض الظن إثم أنه برحيل الرئيس الباجي قايد السبسي سيخلو لها الجو لتبيض وتصفر، لدرجة الطمع في تولي رئاسة الدولة بأي ثمن لتعيد تجربة حكمها المريرة للبلاد التي كادت تدفع تونس للوقوع في براثن الفوضى والانزلاق نحو الحرب الأهلية.
لقد تمكنت تونس من الانتقال السلس نحو الديمقراطية بفضل حكمة وحنكة اللجنة الرباعية للحوار التي وقفت بحزم أمام مخططات حركة النهضة لجر البلاد نحو العنف بعد الاغتيالات السياسية التي طالت معارضين يساريين بارزين هما شكري بلعيد في فبراير/شباط 2013 ومحمد البراهمي في يوليو /تموز من نفس العام وعملت على اجتراح حل سياسي حاسم وواضح عبر خريطة طريق متفق عليها وفق إجراءات محددة أنقذت البلاد من التردي في موجة الاقتتال الداخلي التي سقطت في براثنها دول الربيع العربي، الأمر الذي أجبر حكومة النهضة التي تآكلت شعبيتها على التخلي عن السلطة وتشكيل حكومة مؤقتة أشرفت على قيام انتخابات عامة تشريعية ورئاسية.
إن تداعيات ملف أزمة الجهاز السري ل «النهضة» الذي أعلن مستشار الأمن القومي التونسي الجنرال كمال العكروت إحالته الى القضاء، وتهديد هيئة الدفاع عن بلعيد بمواصلة فضح حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي واتهام صهره بتولي الجهاز السري، ستفرض المزيد من الضغوط على الحركة وتشوه صورتها المشوهة أصلاً في الشارع التونسي.
هذا الملف سيظل يغض مضاجع قادة النهضة ويقلق عليهم منامهم، إذ إن الشارع التونسي بات مهتماً بمعرفة حقيقة ما جرى ويطالب بتوضيح الحقائق مجردة للرأي العام وهذا ما سيجعل الأرض تميد تحت أقدام الحركة الإخوانية ويفضح تآمرها على الديمقراطية الوليدة وزيف ادعاءاتها بالتحول من حركة اسلامية إلى حركة مدنية تؤمن بالتداول السلمي للسلطة.
إن حركة النهضة مثلها مثل كل فروع تنظيم «الإخوان» الإرهابي تمارس الانتهازية والكذب والتدليس من أجل الوصول الى أهدافها، ولقد تبدت هذه الانتهازية في محاولتها الالتفاف على مرشحي الانتخابات الرئاسية، إذ لم تكتف مثلها مثل بقية الأحزاب بمرشح واحد بل دفعت بنائب رئيسها عبدالفتاح مورو كمرشح رسمي لها للرئاسة، ولكن في الوقت نفسه دعم نوابها ترشيح أربعة آخرين على صلة وثيقة بها وببرنامجها على رأسهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي وحمادي الجبالي في محاولة رخيصة لخداع بسطاء الناس.
لا شك أن فرص حركة النهضة في الفوز في الانتخابات الرئاسية ضعيفة للغاية لجملة أسباب أهمها القناعة الراسخة التي تشكلت لدى الشارع التونسي منذ وقت طويل برفض جماعات الإسلام السياسي، كما أن تصنيف «الإخوان» في معظم دول المنطقة كتنظيم إرهابي سيلقي بظلاله على فرص الحركة في الفوز.
هناك أيضا استطلاعات الرأي لمؤسسة «سيجما كونساي» التي أكدت تراجع الأحزاب التقليدية وأن غياب السبسي أثر بشكل كبير في موازين القوى لصالح الأحزاب الشعبوية الصاعدة، كما منحت شركة استطلاعات رأي سويسرية مورو المرتبة الخامسة، بينما منحت عبدالكريم الزبيدي وزير الدفاع المرتبة الأولى مبررة ذلك بالشعبية التي يحظى بها وبدعم حزبي نداء وآفاق تونس لترشيحه.
الخليج الاماراتية
