الكوفية:الكوفية: يحرص الفلسطينيون على توريث فلكلورهم وتراثهم الشعبي من جيل إلى آخر؛ خوفاً عليه من الطمس والضياع، وحفاظاً على هويتهم من الاندثار. وتعتبر الدبكة الشعبية إحدى أهم صور هذا التراث، الذي يستند إلى إرث فني وثقافي يمتد زمناً طويلاً عبر التاريخ، تشتبك الأيدي خلال أدائها كدليل على الوحدة والتضامن، وتضرب الأرجل بالأرض دلالة على العنفوان والرجولة، ترافقها أغان تعبر عن عمق الانتماء للأرض الفلسطينية التي يحبها هؤلاء، وفيها الترحيب بالعائد من السفر، وفيها مداعبة الطفل، وذكرى الحبيب، وذكر أوصافه وجماله وخصاله، وفيها الفخر والحماسة.
ورغم غزو ثقافات مختلفة وفنون مختلفة، إقليمية وعالمية للثقافة الفلسطينية، بما في ذلك، محاولات الاحتلال الإسرائيلي طمس الهوية الفلسطينية بكل تعبيراتها، إلا أن الدبكة حافظت على استمراريتها وحضورها في كل المناسبات؛ فيكاد لا يخلو عرس فلسطيني منها، وغالباً ما يبادر الشبان الذين يجيدون أداءها للمشاركة في هذا النوع من الفن خلال المهرجانات والمناسبات الوطنية والاحتفالات الخاصة.
كانت الدبكة قبل الاحتلال تأخذ طابع المناسبات، وبعد نكبة عام 1948 أصبحت الدبكة شكلاً من أشكال النضال الوطني، وهو ما جعل الدبكة الشعبية تأخذ شكلاً منظماً خاصةً منذ بداية الثمانينات من القرن العشرين، وأصبح العمل على هذا النوع من التراث يتم بشكل منسق بهدف نقل وتراث حضارة الشعب الفلسطيني وتراثه للمحافل الدولية والعالمية.
والدبكة رقصة فلكلورية تمارَس عادةً في الأعراس الفلسطينية، وتتكون فرقة الدبكة من مجموعة لا تقل عن عشرة دبيكة وعازف اليرغول أو الشبابة والطبل.
أنواع الدبكة الفلسطينية:
1- الكرادية أو الطيارة: تتميز بالإيقاع السريع، فلا بدَ أن يكون من يزاولها يتمتع باللياقة، والحركة السريعة، ويكون لديهم تجانساً في الحركة مع أقرانهم.
2- دبكة الدلعونا: وهي ذات إيقاع متوسط، وأصبحت الدلعونا تغنى بأغانٍ جديدة الكلمات دون تغير في الرتم مع اختلاف في النغمات أحياناً، كأن نقول مثلاً على دلعونا ونضع أي كلمات نريدها حسب المناسبة.
3- دبكة زريف الطول: ينتشر فيها المديح والبحث عن مناقب البنت الحلوة أو الفتى، أو المناقب الموجودة في البشر، وهي تستخدم عادةً في الغزَل خلال الأفراح والمناسبات الأخرى.
4- دبكة الدحِّيّة: وينتشر هذا اللون من الدبكة عند البدو وهي خاصة بهم، وفيها تصفيق بطريقة خاصة تسمى "تسحيجات"، ويردد المشاركون كلماتٍ قد لا يفهمها الآخرون.
متى ظهرت الدبكة الشعبية في التاريخ الفلسطيني؟
طالما شكَّل التراث دليلًا على أصالة الشعوب والتحامها بأوطانها، وفي الحالة الفلسطينية، امتاز ببُعد وطني ونضالي بخاصة بعد عام 1948، حين اقتلع الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من أرضهم، وحاول أن ينفي عنهم هويتهم وتراثهم.يخوض الشعب الفلسطيني، تجربة قاسية في حماية أرضه، وهويته، وتراثه من التهويد. ويجتهد في إثبات وجوده إقليميًا ودوليًا بجميع الطرق الممكنة، ليُعرِف العالم بقضيته وثقافته، خاصة وأن "إسرائيل" تحاول تغييب وتشويه ثقافته.
كما أنها لا تتوقف عن سرقة ما يملكه من تراث مثل المأكولات، والأزياء الشعبية، وحتى الدبكة الفلسطينية.كانت الدبكة تمارس قبل النكبة في المناسبات الاجتماعية احتفالًا بالأعراس والأعياد، ولكن بعد عام 1948، أصبحت الدبكة نوعاً من أنواع مقاومة الاحتلال، وشكلاً من أشكال النضال الوطني الذي يمارسه الشعب الفلسطيني في وجه المحتل الإسرائيلي، وأصبحت الأغاني تمدح تراب الوطن وتذكر خصال الأرض والبلدات الفلسطينية، مثل الأغنية التي تقول "يا طير الطاير سلم على البيرة وع القدس الشريفة.. تراب بلادي سجاد حرير والميا بلسم والبعد جنون" و" يا أرض بلادي يا بعد روحي عنك ما أتنازل والله وما بروح.. ع ترابك باقي وما أرحل من هونا.. ولو قطعوني وما داوو جروحي".
وفي بداية الثمانينات من القرن العشرين، بدأ تعليم هذه الرقصة الفلكلورية بجدية وبخطوات مدروسة، لفرق ومجموعات مختلفة من الشعب الفلسطيني مثل فرقة "سرية رام الله"، و"فرقة مرج ابن عامر"، و"فرقة حنظلة"، و"فرقة الوحدة للفنون الشعبية"، و"فرقة الهدف" و"البيرة"، و"الأصايل، والعصرية للفلكلور الشعبي"، إلى جانب مجموعة من الفرق التي ظهرت في الشتات مثل "فرقة العاشقين في لبنان" و"فرقة الأرض في سوريا"، و"فرقة سائد في أميركا"، و"فرقة باقون في أوروبا الشرقية".