الكوفية:"من يظفر في اسطنبول فإنه سيظفر بتركيا"، تلك أحد أهم مقولات طيب رجب أردوغان، رئيس تركيا الحالي، تشير دون شروح كثيرة الى ان النهاية السياسية لحكمه قد بدأت عمليا، مع فوز مرشح المعارضة الشاب إكرام إمام أوغلو برئاسة البلدية الأهم، والأكثر جذبا للسياحة ومركز الاقتصاد التركي.
ليس فوز المعارض أوغلو هو الخبر فحسب، بل قراءة في أرقام الانتخابات ذاتها هي الدرس الأبرز من "الحدث الكبير" ففي الانتخابات السابقة التي جرت في مارس 219، فاز إمام أوغلو برئاسة البلدية بفارق 13 ألف صوت، ما فتح باب التشكيك بفوزه من قبل أردوغان شخصيا وحزبه، واستخدم كل أدوات الضغط لفرض جولة إعادة عبر قرار "قضائي" شهد سخرية عالمية.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، عمل أردوغان شخصيا على قيادة الحملة الانتخابية لمرشحه بن علي يلدريم، بعد أن طلب منه الاستقالة كرئيس وزراء ليترشح الى رئاسة البلدية الأهم، ما يشير الى قيمة المدينة في حسابات الرئيس التركي، وحاول أن يستخدم كل أدوات الدولة والإرهاب السياسي، بل انه جاهد بكل سبل أن يخلط الأوراق بإدخال مصر ورئيسها كجزء من "حملته" الانتخابية، فكانت الحصيلة أكبر هزيمة انتخابية وسقوط سياسي في تاريخ "داعية كاذب".
أرقام الفوز هي الخبر الحقيقي وهي المؤشر لبداية تحول جذري لوضع نهاية للحكم الأردوغاني، فمن فارق الـ 13 ألف صوت فقط الى أن يصبح ما يقارب المليون (950 ألف صوت)، فارق يفوق الخيال، في أي حساب انتخابي، بان يتحول رقم 13 ألف الى مليون صوت خلال أشهر ثلاثة، رغم كل الحملة "التهويشية للرئيس التركي.
الدرس غاية في الوضوح، أن فارق الأصوات هو الرفض الحقيقي للسياسة الرسمية التركية، التي أدخلت البلاد في كارثة سياسية – أمنية واقتصادية، جراء "فردية حاكم" ومنهج حاول ممارسة أعلى درجات الانتهازية بلباس ثوب "خليفة الإخوان المسلمين"، واهما ان الجماعة وبمال قطري ستكون خلاياه النائمة لتحقيق "حلمه الذاتي" الذي عبر عنه بأحقيته قيادة الدول الإسلامية.
أردوغان قاد حملة عداء لمصر وغالبية الدول العربية، الى جانب توغله الاستعماري في سوريا وعداء غير مسبوق لأكراد تركيا، وقمع متنامي لقوى المعارضة السياسية التركية، أوصل البلاد الى حالة انهيار اقتصادي تاريخي، مع سقوط متسارع للعملة التركية.
التصويت غير المتوقع، ولو تم سؤال أي من قوى المعارضة هل تتوقع هذا الفارق الكبير، سيكون الجوب قطعا بأنه "خيال" لا يسمح التفكير به، لكنه بات حقيقة، لتقول للغطرسة الأردوغانية استعد للرحيل وقريبا جدا.
الدرس التركي، هو الرسالة السياسية الأبرز لحركة حماس في قطاع غزة، التي تحاول أن تختبئ تحت "ثوب الدين – الجامع" لتغطية خيبتها السياسية في إدارة الحكم العام في قطاع غزة، وتصدير حقيقة أزمتها الى غيرها، دون الاعتراف بفشل "غير مسبوق" في مختلف المسارات، سوى مسار القمع الأمني، وتنمية قدرات كتائب القسام، رغم انها عملت على تلويثها بالزج بها في الصراع الداخلي لحماية حكمها المرتعش جدا.
حماس التي لا تعترف بفسادها، وترى انها حركة "ملائكية" ستدفع ثمنا مضاعفا مع أي فرجة أمل" للتعبير عن رأي اهل قطاع غزة، فلا يمكن للغطرسة ان تسود أي كان مظهرها، وكذبة "حكم المقاومة" سقطت بأسرع من صناعة الوهم، وكل مسارات العمل تؤكد انها تخطف قطاع غزة الى مسار ظلامي اكثر سوادا في قادم الأيام لتكريس "كيانية غزة المستقلة".
قيادة حماس، قبل غيرها يجب ن تعي تماما جوهر الدرس التركي ومختلف ابعاده، وتعيد قراءة المشهد بعيدا عن "إكذوبة الحكم المبارك"، وترى خرابها الذاتي قبل فوات الآوان، ومسبقا لن يكون السلاح حلا لمواجهة ثورة غضب قد تنفجر في أي زمان.
بالتأكيد، لم يتم الإشارة الى واقع سلطة عباس، فتلك حمايتها الحقيقية ليس أمنها فقط بل جيش الاحتلال، ورحيلها مرتبط برحيل الاحتلال...المعادلة واضحة!
ملاحظة: إصرار الرئيس محمود عباس على عدم المشاركة في اجتماعات "التنفيذية" رسالة سياسية بأنها لم تعد شرعية...موقف يضع نهاية للممثل الشرعي الوحيد...مبروك لمن انتظر تلك النهاية وعمل لها وعليها!
تنويه خاص: ما كشفه قيادي بحزب الشعب، بأن حماس أزاحت كل متفق حول "مهرجان الكلام" ضد ورشة البحرين يشير انها تستعد لمرحلة التنفيذ لقطف ثمار ما سيكون...وكله بماله