اليوم السبت 12 إبريل 2025م
تطورات اليوم الـ 26 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية أسعار صرف العملات في فلسطين اليوم السبت 12 أبريلالكوفية ثلاثة شهداء بقصف الاحتلال مدينتي خان يونس وغزةالكوفية "الحملة العالمية" تدعو للمشاركة بموجة إعلامية مفتوحة نصرةً لغزةالكوفية الطقس: أجواء غائمة جزئيا وباردة والحرارة أدنى من معدلها بقليلالكوفية العدل الدولية تبدأ جلسات علنية بشأن التزامات إسرائيل تجاه تواجد الأمم المتحدة بفلسطينالكوفية عائلات الأسرى الاسرائيليين تشكك بفريق التفاوضالكوفية أبرز عناوين الصحف الفلسطينيةالكوفية بطلب من "إسرائيل".. "ميتا" حذفت 90 ألف منشورالكوفية مدفعية الاحتلال تستهدف شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية طائرات الاحتلال تطلق نيرانها شمالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزةالكوفية استشهاد الشاب عمر مصطفى أبو مصطفى متأثرًا بإصابته إثر قصف الاحتلال منزلا شرقي خانيونسالكوفية محكمة أمريكية تسمح بترحيل الناشط محمود خليلالكوفية تطورات اليوم الـ 26 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الدفاع المدني بغزة: طواقمنا تتوجه لاستهداف منزل لعائلة "كحيل" في شارع النخيل بمنطقة الشعف شرقي مدينة غزةالكوفية تجدد القصف المدفعي على حي الزيتون والتفاح شرقي مدينة غزةالكوفية مدفعية الاحتلال تستهدف المناطق الشرقية لمدينة غزةالكوفية طائرات الاحتلال تشن غارة جوية شمالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزةالكوفية قصف مدفعي يستهدف غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية: "محمود خليل يكره الولايات المتحدة وما تمثله لذا ينبغي أن يكون ترحيله خبرا سارا"الكوفية

الهوية بين الثابت والمتغير..

12:12 - 06 إبريل - 2025
رامي مهداوي
الكوفية:

يبدو الحديث اليوم عن الهوية أمرًا بديهيًا نظرًا لشيوع استخدامه في الخطاب اليومي، لكنه يظل مفهومًا معقدًا يخضع لتأثيرات متعددة، بما في ذلك المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي السياق الفلسطيني، لا يمكن تناول الهوية بمعزل عن الأحداث الجارية في قطاع غزة وطولكرم وجنين، حيث تشكل هذه الأحداث تحديًا جوهريًا لمفهوم الهوية الجماعية للفلسطينيين.

لطالما كانت الهوية الفلسطينية متأرجحة بين الثبات والتغير، فهي في جوهرها تعبر عن تطابق الذات مع تاريخها ونضالها، لكنها في ذات الوقت تخضع لتحولات نتيجة السياسات الاحتلالية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. ففي قطاع غزة، على سبيل المثال، نجد أن الهوية الفلسطينية تمر بمرحلة صراع حاد بين البقاء في ظل القصف والحصار، وبين محاولات الحفاظ على التماسك الاجتماعي والوطني رغم النزوح والتدمير المتكرر. إن انعدام الأمن، وتهديد الحياة اليومية، وتفكك البنى التحتية لا تترك مجالًا للأفراد سوى التمسك بهوية البقاء.. المناعة.. الاستمرارية في الحياة التي تصبح المصدر الوحيد للثبات في مواجهة هذا التغيير العنيف.

أما في الضفة الغربية، وتحديدًا في طولكرم وجنين، فإن الهوية تتجسد في المواجهة المستمرة ضد الاقتحامات العسكرية المتكررة، حيث تفرض إسرائيل واقعًا أمنيًا وسياسيًا يهدف إلى طمس الهوية الوطنية من خلال الاعتقالات، وهدم المنازل، ومحاولة فرض الأمر الواقع بالقوة. لكن الهوية هنا تتجلى أيضًا في الإصرار على البقاء، وفي تعزيز الانتماء عبر المجتمعات المحلية، والتكافل الاجتماعي، والاستمرار في مقاومة التهجير والإقصاء.

إن بناء الهوية لا يتم فقط من خلال الإرث التاريخي أو الذاكرة الجماعية، بل يتشكل أيضًا من خلال السياسات التي تُمارس ضد الأفراد والجماعات. فسياسات التهجير في غزة، وتقييد الحركة في الضفة، والممارسات القمعية في جنين وطولكرم كلها عوامل تؤثر على مفهوم الفلسطيني لذاته. الهوية هنا ليست مجرد مفهوم فلسفي، بل هي انعكاس للمعاناة اليومية التي تعيشها المدن الفلسطينية.

تأخذ الهوية الفلسطينية طابعًا خاصًا في ظل الحصار المفروض على غزة، حيث يولد هذا الحصار ديناميكيات جديدة تعيد تشكيل الانتماء الجماعي، فيصبح الصمود والمقاومة جزءًا أساسيًا من الهوية. وفي طولكرم وجنين، تتجلى الهوية في الشعور بالوحدة في مواجهة الاحتلال، حيث يتحول التفاعل الاجتماعي إلى عنصر مقاومة، ويتحول الانتماء إلى المدينة أو المخيم إلى شكل من أشكال التحدي.

تشير النظريات الفلسفية والاجتماعية إلى أن الهوية تتشكل في علاقة جدلية بين الذات والآخر. وفي الحالة الفلسطينية، فإن الاحتلال يمثل «الآخر» الذي يسعى إلى طمس هذه الهوية أو إعادة تشكيلها وفق مصالحه. لذا فإن التمسك بالهوية الفلسطينية لا يكون فقط من خلال الخطاب السياسي، بل عبر الفعل اليومي، مثل مقاومة التهجير، والإصرار على إعادة الإعمار في غزة، ومقاومة القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

إن مفهوم الهوية كما طرحه الفلاسفة مثل هيغل وإريك إريكسون يؤكد على أن الهوية لا تُعطى بل تُبنى من خلال التفاعل مع الظروف المحيطة. وفي فلسطين، يتجلى هذا البناء في استمرار النضال من أجل البقاء، حيث تصبح الهوية نفسها ساحة للصراع. وإذا كانت الهوية الفلسطينية قد مرت بأزمات متعددة، فإنها في كل مرة تعيد تعريف ذاتها من خلال مقاومة هذه الأزمات، وهو ما يجعلها متجددة رغم المحاولات المستمرة لطمسها.

لا يمكن عزل الهوية الفلسطينية عن السياق الإقليمي، إذ تتأثر بما يجري في العالم العربي من تحولات سياسية واقتصادية، وكذلك بتغير مواقف بعض الدول تجاه القضية الفلسطينية. في ظل هذه المتغيرات، تبرز أهمية الحفاظ على الهوية الفلسطينية من خلال توظيف الذاكرة الجماعية، وتعزيز الرواية الوطنية، والانخراط في العمل السياسي والمجتمعي.

في ظل ما يعيشه الفلسطينيون في غزة وطولكرم وجنين، تصبح الهوية الفلسطينية أكثر من مجرد تعريف ذاتي؛ إنها أداة مقاومة، وطريقة للتمسك بالوجود رغم محاولات الإقصاء. إنها ليست مجرد شهادة ميلاد أو بطاقة هوية، بل هي فعل مستمر في مواجهة الطمس والتهميش. وفي ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للفلسطينيين الحفاظ على هويتهم في ظل هذا الطوفان من التغييرات القسرية؟ والإجابة تكمن في استمرار الصمود، وبناء الوعي الجمعي، وتعزيز الهوية ليس كمعطى ثابت، بل كمشروع متجدد يتفاعل مع الظروف دون أن يفقد جوهره.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق