- مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة
القدس المحتلة - قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، إنّ احتكار السياسيين بشكل عام لتطبيق القانون الدولي، وما يتبع ذلك من تغوّل دولٍ مُدانة بجرائم إنسانية، وفي مقدمتها الكيان الإسرائيلي الإبادي، يفرض لحظة مفصلية في التاريخ القانوني الإنساني تقتضي انبثاق نموذج عدالة عالمي مستقل عن موازين القوة السياسية التقليدية، عابر للحدود، ومجرد من اعتبارات التحالفات والسياسات الانتهازية.
وأوضح القيادي الفتحاوي أن إخضاع منظومة العدالة الدولية لمقصلة المصالح السياسية جعل من المبادئ الإنسانية العليا مادة تفاوضية تُجزأ وتُؤوّل بحسب الهوية القومية والجغرافيا والتحالفات، وهو ما أفرغ القانون الإنساني من محتواه الأخلاقي، وحوّله إلى مجرد أداة طيّعة بيد الأقوياء تُستخدم لشرعنة الجرائم حيناً، ولتعطيل المحاسبة حيناً آخر.
وفي هذا السياق، شدّد دلياني على أن التحول الدولي المُتصاعد نحو مفاهيم العدالة العابرة للسيادة، كما يجسده مشروع “Global 195” وغيره من المشاريع التقدمية في هذا السياق، هو تحوّلاً نوعيًا يتجاوز الجمود في العدالة الدولية، ويؤسس لإرادة قانونية مستقلة لا تستمد شرعيتها من مواقف الدول بل من التزامها بحماية الإنسان، كقيمة مطلقة، من مصالح السلطات السياسية وبطش الجيوش الغازية.
وأضاف: "إنّ هذا التحول لا يعيد فقط صياغة العلاقة بين القانون والسياسة، بل ينسف المنظومة الحالية الراسخة بأنّ النفوذ السياسي يعني الحصانة القانونية. فالحقيقة الغائبة التي نُصرّ على إحيائها هي أنّ العدالة، إن لم تكن عمياء عن الهوية والولاء، فإنّها تتحوّل إلى امتداد للقهر."
وأشار دلياني إلى أن المفهوم الجديد للعدالة الذي تتبناه مبادرات قانونية تقدمية بدأت تنتشر في اصقاع الارض، تهدف إلى ترسيخ مرجعية قانونية لا تتزحزح أمام الضغوط السياسية ولا تنحني أمام سطوة الدول. ففي ظل العجز المتعمد للمؤسسات الدولية عن محاسبة الكيان الاحتلالي الابادي الإسرائيلي على المجازر المتواصلة في غزة وجرائم التطهير العرقي في القدس وباقي انحاء الضفة المُحتلة، تبرز أهمية بناء شبكات قانونية ومجتمعية لا تنتظر تفويضاً سياسياً، بل تنطلق من شرعية الحقيقة نفسها.
وختم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح بأن العدالة الدولية ليست ترفًا أخلاقيًا، بل ضرورة إنسانية وسياسية وتاريخية لإعادة الاعتبار لضحايا النظام العالمي المختل. فالولاية القضائية العالمية، حين تُفعّل كأداة للمساءلة، لا تُدين مجرمًا بعينه فحسب، بل تُعيد تعريف القانون الدولي ذاته بوصفه إرادة كونية لا تقبل المساومة، ولا تساوي بين القاتل والضحية تحت ذريعة "التوازن" السياسي كما هو حاصل الان.