- مدفعية الاحتلال تقصف مناطق متفرقة من مخيم جباليا شمال قطاع غزة
- صافرات الإنذار تدوي في "سديروت" بالمستوطنات المحاذية لقطاع غزة
- استشهاد الشاب محمد مدحت أمين عامر 18 عاما برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة شرق نابلس
هناك من يُبدي تفاؤلًا بشأن مستقبل الحرب على غزة، وهناك يغلُبُ التشاؤم رأيه، وبعضهم جمع بين التفاؤل والتشاؤم "متشائل" بشأن إمكانية أن يقوم ترامب في أول أيامه بالمكتب البيضاوي بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة للتفرغ لملفاتٍ أكثر سخونةً من الملف الفلسطيني - الاسرائيلي، ولكلٍ من المراقبين مبرراته فيما يراه من أسباب وجيهة تدفعه لهذا الاعتقاد أو ذاك.
يبقى الفلسطينيون هم الطرف الأضعف في المعادلة، وسيوجّه الضغط في معظمه لهذا الطرف، خاصة أن نتنياهو قد وجّه وقبل وصول ترامب للبيت الأبيض تهديدًا لحماس بضرورة تسليم الأسرى وإلا !!.
في مقابل ذلك، نجد أن ترامب صديق ودود وحميم لإسرائيل، وهو الرئيس الذي امتلك الجرأة والشجاعة ونفذ وعده بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وهو صاحب مشروع "صفقة القرن".
أبدت حركة حماس بعض الليونة في الجولة الأخيرة للمفاوضات؛ في محاولةٍ لتجنب رد الفعل الأمريكي، والذي إن حدث سيطال المنطقة بأكملها (سلطة وحماس مع ما يسمى محور المقاومة).
عام ميلادي جديد استقبله العالم بالاحتفالات على عكس ما استقبله أهلنا في غزة، وجبات متتالية من الصواريخ، مع قوافل متتالية من الشهداء والجرحى، في أجواءٍ ماطرةٍ وخيامٍ بالية، وحالاتٍ من النزوح باتت ليلها بين السماء والطارق.
(452) يومًا على اندلاع الحرب على غزة، استخدمت فيها إسرائيل كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، استهدفت البشر والشجر والحجر، وأجبرت السكان على ترك منازلهم، والبحث عن أماكن أكثر أمنًا، كل هذا يأتي في ظروفٍ إنسانيةٍ قاهرة، مأساوية، في أماكن تفتقر لأدنى مقومات الحياة، من طعام، وشراب، ونقص حاد في الخيام، والأغطية والملابس، وعلاجات، في ظل موجة من البرد القارص.
(452) يومًا من حرب الإبادة وُصفت بأنها من أقسى وأصعب ما مر على غزة، حرب تركت آثارها في كل مناحي الحياة، مخلّفةً دمارًا هائلًا في المباني، والممتلكات، والبنى التحتية (طرق وشبكات صرف ومصانع ومحال تجارية وورش وغيرها) ممن طالته آلة القصف الإسرائيلية.
حرب لم تكن كسابقاتها من حيث العنف والشدة، وطول المدى الزمني، فهي الحرب الأطول التي تشنها اسرائيل على الفلسطينيين، حرب مميتة في ظل حصارٍ كاملٍ من البر والبحر والجو، مخلفةً أزمة إنسانية عميقة، حرب خسر فيها الشعب الفلسطيني عشرات آلاف من الشهداء ومثلهم ويزيد من الجرحى والأسرى والمعتقلين، وخسروا فيها مصادر رزقهم ومساكنهم ومصانعهم، خسروا كل شيء، وأصبحوا لا يستطيعون تدبر قوت يومهم، يعتاشون على بعض الإعانات التي تقدم لهم من بعض الدول الصديقة.
الحرب على غزة لا زالت مستمرة، ولا أحد يعلم متى ستنتهي، ولا يوجد من يعمل على إنهائها؛ إلا بعض المحاولات والقرارات التي لم تأخذ طريقها للتنفيذ لوقف العدوان، وكأن المجتمع الدولي أراد لهذه الحرب أن تستمر تحت سمعه وبصره من أجل الخلاص من هذا الصداع المسمى غزة.
ورغم الصرخات، ومشاهد القتل اليومي، والمجازر المتكررة، والقصف المتجدد، واستمرار العمليات العسكرية، ومحاولة الضغط على السكان من أجل ترك منازلهم وأراضيهم، إلا أن غزة بسكانها مجبرة على الصمود وتلقي الضربات واستقبال صواريخ الموت، ليس لأنها تكره الحياة، بل لأنه لا مفر أمامها سوى البقاء على هذه الأرض.
يعتقد البعض بأن لغزة جيش نظامي يقاتل جيش الاحتلال في معركةٍ نظامية، وأن هناك تكافؤ بين الجيشين، الاعتقاد بالمطلق ليس صحيحًا، التوصيف الصحيح لهذه الحرب العدوانية أن إسرائيل تقوم بشن عدوانٍ واسعٍ على قطاع غزة، مستخدمة كل أنواع أسلحة الدمار الشامل في مقابل أسلحةٍ بسيطةٍ يستخدمها أبناء غزة للدفاع عن أنفسهم.
جولات من المفاوضات غير المباشرة بوساطةٍ عربيةٍ لم تنجح في كسر جمود التفاوض بين حكومة الاحتلال وحركة حماس، وعلّق الناسُ أمالًا كبيرةً على أن تنتهي الجولة الأخيرة إلى نتائج بموجبها يتم وقف العدوان على القطاع إلى غير رجعة، لكن تعنت حكومة الاحتلال قضى على أي بارقة أملٍ لجهة وقف العدوان، رغم كل ما قيل عن مرونةٍ أبدتها حماس للخروج من عنق الزجاجة تمهيدًا للوصول لاتفاقٍ يفضي إلى وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، وعودة الأوضاع إلى ما قبل السابع من أكتوبر.
يبدو أن حكومة الاحتلال تصر على المضي قدمًا في حربها على غزة لتحقيق أهدافها بالقضاء على حكومة حماس، وعلى المقاومة، وخلق مناطق عازلة على حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية، ومنع أي تهديدٍ مستقبليٍ من غزة تجاه مدن الغلاف، بالإضافة إلى استعادة الاحتلال لأسراه دون ثمنٍ يُذكر، من خلال ضغطٍ عسكريٍ متواصلٍ في الميدان، هذه الأهداف المعلنة يؤكد عليها قادة الاحتلال في كل مناسبة، ويؤكدون تصميمهم على تحقيقها.
وأمام كل ما جرى ويجري، وفي ظل تقاعس العرب، والسلطة والمنظمة عن أداء واجباتهم، ومع انحياز أمريكا ومن يدور في فلكها لإسرائيل، مع انعدام التعاطف الشعبي العربي والدولي مع غزة وأهلها، بالإضافة لانهيار ما يسمى (محور الممانعة)، يتوجب علينا أن نقف مع أنفسنا وقفةً جادة، بعيدًا عن أية حساباتٍ أخرى، نتفكر ونعيد ترتيب أولوياتنا، ونستخلص العبر، والعمل بكل السبل على وقف حرب الإبادة ضد شعبنا في غزة، لأن استمرار المحرقة يعني مزيدًا من الشهداء، مع مزيدٍ من البيوت المهدمة، مع انضمام آلاف الفلسطينيين إلى قوائم الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وفوق هذا كله آلاف المعاقين والأرامل والأيتام.
ما الحل:
بتقديرنا فإننا نحتاج إلى العمل باتجاهين:
الاتجاه الأول: يتعلق بإدارة حياة السكان في القطاع، ومطالبة الدول الصديقة وبشكلٍ عاجلٍ توفير إمكانيات الحياة لأهلنا في غزة (خيام وطعام وشراب وملابس الخ)، بمعنى آخر توفير ما يلزم لإغاثة الناس، وتشكيل لجنة من شخصيات وطنية من أهالي القطاع لإدارة شؤون القطاع والإشراف على إدارة المواد الإغاثية.
الاتجاه الثاني: يتعلق بإنهاء الانقسام، وإدارة مفاوضات وقف إطلاق النار مع الاحتلال، والإعلان عن انتهاء حقبة الانقسام والبدء فوراً بالسماح للسلطة بسط ولايتها على قطاع غزة باعتبارها مقبولة من المجتمع الدولي، وهي من تمثل الشرعية من وجهة نظرهم، وتقوم السلطة بما لها من علاقاتٍ بإدارة ملف مفاوضات وقف إطلاق النار مع اسرائيل، وتشكيل لجنة وطنية لإدارة غزة تكون مقبولة دوليًا، تحت ولاية منظمة التحرير الفلسطينية، كي تنال الدعم والإسناد في موضوع إعادة الإعمار وبناء ما دمره الاحتلال، ووضع الأسرى الاسرائيليين في عهدة لجنة متفقٍ عليها للتفاوض على آليات الإفراج عن الأسرى من الطرفين، ونزع الذرائع من يد الاحتلال من خلال تقديم ليونةٍ أكثر في موضوع الأسرى وترتيبات اليوم التالي للحرب، والاستعانة بالدول الصديقة لتشكيل رأيٍ عامٍ دوليٍ بضرورة وقف العدوان.
خارطة الفعل هذه؛ ستكون كفيلة، بتقديرنا، بجعل العام الجديد بوابة أمل لأهلنا في غزة، ومسار إجماعٍ وطنيٍ نحو طموحات شعبنا وتطلعه للحرية والاستقلال الوطني.