- شهيد جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على المخيم الجديد شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
- طيران الاحتلال يشن غارة على محيط أرض الشنطي شمال حي الشيخ رضوان بغزة
رغم أن هذا اليوم لا يبدو قريباً، في ظل استمرار المجازر الإسرائيلية ضد شعبنا في قطاع غزة، فما حدث في الثلاثة أسابيع الأخيرة في شمال غزة قد حسم الأمر تماماً، في عدم اكتراث حكومة الاحتلال بعقد تبادل صفقة في ظل "وقف إطلاق النار"، تلك الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة التي تؤكد كل يوم أن هذه الحرب إنما هي حربها، وما إسرائيل إلا الوكيل شبه الحصري في التنفيذ، فها هو بلينكن يترك هدف وقف الحرب هنا، لعمل تطبيع هناك، في أسوأ وقت لمجرد الحديث؛ ليجعلنا نتساءل: هل تلك سذاجة دولة كبرى أم إمعان في الحرب على فلسطين ولبنان؟
ولكن، يوم انتهاء الاحتلال قريب، فنحن نؤمن بحقوقنا، ونرى أبعد كثيراً مما يراه الاحتلال وحلفاؤه، لذلك سنتعاطى مع اليوم الثاني بعد الحرب في سياق تحرر بلادنا.
الشعب الفلسطيني حيّ، فهل سيبدو هذا اكتشافاً؟ وهل بعد قرن من النضال الوطني، في ظل دور نهضوي للشعب الفلسطيني في النهضة العربية الحديثة، نحن بحاجة لمن يعترف بنا؟
إغاثة في ظل وقف الحرب المسعورة علينا، وإعادة إعمار في ظل توجه حقيقي بأن يكون سياق هذا كله دولة فلسطينية وفق المشروع الوطني المجمع عليه الآن. لنا عنوان لمن يبحث عنه في الحقيقة، حتى ولو اختلفنا. باقي الأمور تفاصيل. ونتوقع أن يكون هناك تعاون عربي ودولي، يصب في دعم شعبنا واحترام كرامته أولاً وأخيراً.
لذلك، لسنا بحاجة للتأكيد على دور شعبنا بإدارة البلاد وحكمها الديمقراطي؛ فإن أتيحت لنا فرصة استقرار، فسنستأنف ما بدأناه، دون أن ننسى ما تقوم به السلطة الوطنية من دور، هو واجب عليها، وبالإمكان تطويره، كما تطور الشعوب والحكومات نفسها في بلادنا العربية والعالم؛ فلا نظن حكومة اكتملت، وتقييم الأداء في ظل تغييب حضور الاحتلال هو تقييم ناقص.
إن تطوير الأداء منطلق وطني، وما زلنا نعيش معاً يحدونا الأمل بالتحرر والاستقرار، فلا تنمية حقيقية ولا حكم سليم معافى في ظل الاحتلال الذي لا ننصح أحداً بحسن الظن به، بيديه التي تقتلنا وتنفينا وتخرب مشهدنا.
تمثل السلطة الوطنية ذراعاً لمنظمة التحرير، وبالطبع ليس من الحكمة الحديث عن تجديد الاعتراف بسلطة وطنية مرجعيتها السياسية حاضرة.
أما الشروط التي يجب أن تتم مراعاتها هنا على هذه الأرض، وجود نية "إسرائيلية أميركية أوروبية" بإنهاء الاحتلال، وقتها نحن شعباً وقيادة منفتحون على أي حلول وإجراءات عمادها حق شعبنا في تقرير مصيره واحترام كرامته بالسيادة.
الفلسطينيون بمن فينا الوجود المسلح في قطاع غزة، نسعى من بداية الحرب إلى وقفها، وهذا يعني دعم أي توجه لجلاء الاحتلال، وهنا، فإننا سنجد طريقاً لترتيبات عسكرية، لا تنتقص من سيادتنا، ولا تبدو أبداً كحالة وصاية.
إن إدارة قطاع غزة هي إدارة فلسطينية، من أهل غزة الموظفين القادرين على الإغاثة، وإعادة الإعمار، وكل من يود أن يشاركنا هذا الجهد الوطني والقومي والإنساني فهو مرحب به ليكون بيننا. ويمكن الاستعانة بموظفين وعاملين من أبناء وبنات الضفة العربية، من خلال تسهيل تنقلهم بين الضفة والقطاع.
أداء محكم ومهني وطني وشفاف هو ما سنلتزم به نحن أبناء الشعب الفلسطيني، وهو استجابة للدور والواجب والوفاء. وقد تناولنا ذلك في مقالات سابقة تناولت ما يسمى "اليوم الثاني"، حيث إن البنية الإدارية في غزة ما زالت موجودة، رغم ما تعرضت له من إيذاء خلال الحرب.
ومن الطبيعي جداً أن تقوم السلطة الوطنية بإدارة هذا الجهد، وهي قادرة من خلال سواعد أبناء شعبنا وبناته، حيث إن البنى القيادية الوطنية والإسلامية أصلاً وصلت إلى توافق وطني في بكين، وبشكل خاص بين "فتح" و"حماس"، والمؤمل الآن، أن تقوم القيادة السياسية بدعوة الإطار القيادي الفلسطيني، للاتفاق على مجمل أعمال الإدارة والحكم.
إن تحقيق الوحدة الوطنية، واستئناف العمل في إدارة البلاد وتقديم الخدمات، يعنيان تقوية النظام السياسي الفلسطيني؛ فلا بد من التحرك الفعلي الآن.
والفعل الآن، هو دعوة القيادة السياسية للكل الفلسطيني، فليس في ذلك خلاص لفئة بل لنا جميعاً، وبذلك سنقطع الطريق على أي محاولة للوصاية بأي شكل من الأشكال.
"والإطار القيادي المؤقت"، الذي نذكّر به، تم بناء على ما تمّ من تفاهمات بين حركتَي "فتح" و"حماس". بل إن ما تم التوقيع عليه في بكين إنما هو هذا المقترح الوطني.
إن حركتَي "فتح" و"حماس" تؤكدان دوماً على هذا المنحى، لذلك، ونحن في ظل الحديث الدولي عن "اليوم التالي"، ماضون إلى هذا المنحى الذي يحفظ جوهر المشروع الوطني، الذي ما زال الكل الفلسطيني يؤكد عليه.
طرح الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء الأسبق، قبل نحو عام، مبررَين رئيسيَّين للانطلاق من غزة، "هما الحاجة الملحّة للتعامل مع الأوضاع الإنسانية الكارثية هناك، وكذلك لسبب إستراتيجي نظراً للحاجة إلى إعادة إدماج غزة كجزء لا يتجزأ من النظام السياسي الفلسطيني كشرط أساسي على درب السيادة".
بعد عام على تدمير جزء كبير من غزة، نجد أنفسنا في مفارقة غريبة، وهي أنه ما زال الحديث ينطلق من غزة، التي لا دولة فلسطينية من دونها بالطبع. وللتذكير، فإن تفعيل إطار القيادة الموحّدة بصفة فورية، سيمكّن الحكومة الفلسطينية من السلطة الكاملة وتمثيلها لكامل الطيف السياسي.
ستقود المنظمة العمل السياسي، بمباركة هذا الإطار، وسنقترب فعلاً جميعاً من هدف واحد بإجراءات على الأرض، تعيد الأمور إلى نصابها الوطني، في ظل اشتراطات الدول العربية بضرورة استناد أي حل إلى قيام دولة فلسطينية.
يمكن في ظل نوايا كهذه، عقد هدنة لوقف الأعمال المسلحة، في ظل إنهاء الاحتلال، الذي يجب أن يحدد بسقف زمني، باستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يلزم كافة الأطراف، ووقتها فقط يمكن أن يكون هناك مجال للانفتاح في هذه المنطقة.
وأخيراً، فإن قيادة الحكومة الفلسطينية و"لجنة غزة"، أمر نابع منا كفلسطينيين، ولا نظن أن سلام فياض أو غيره كما يتم تسريبه من مبادرات، سيقبل هو أو غيره بالوجود ضمن توليفة لا تستند إلى حق شعبنا في تقرير مصيره وحكمه وإدارته.
إن الحل الطبيعي هو حل وحدوي، يستند للكل الفلسطيني، وقتها لن يكون الفعل أمراً مستحيلاً، ولن يطول الاختلاف على الاسم، بل على المنهج، وفي ذلك كل وكفاءته وخبرته، حيث سيكون مسؤولاً أمام شعبنا أولاً.
عربياً، وهذا ما تتجاهله الولايات المتحدة، فإن سيصعب المضي في التطبيع، ليس هذا فحسب، بل إن ما أنجز من تطبيع أصبح قابلاً للتراجع، فليس الأمر رومانسياً حين نقول إن فلسطين هي الرقم الصعب في المعادلة الحقيقية، وما زالت تسكن أمتنا العربية والإسلامية شكلاً ومضموناً. وهذا عامل قوة لنا، ولا عامل قوة للاحتلال إلا التحالف المؤقت بهدف المصالح ليس أكثر.