- قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على محيط مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة
- إطلاق نار من قبل الآليات العسكرية في منطقة الصفطاوي شمال غرب مدينة غزة
منذ بدء حملته الانتخابية، بوعي أو بغباء (الثانية هي الأقرب للصواب)، وضع دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق المرشح الجمهوري لرئاسة أمريكية جديدة، قضية فلسطين وحرب غزة كجزء حيوي في صلب جدول أعمال النقاش بين المتنافسين.
هي المرة الأولى، التي تبزر القضية الفلسطينية، بكل أبعادها كعنصر هام في المناظرات والحملات الإعلانية لمرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سواء من باب "الأحرص" منهما على دولة الكيان، أو عبر باب له بعد إنساني نتيجة لما تركته حرب الإبادة من عمليات تدمير وقتل غير مسبوق في الزمن المعاصر، تقوم بها دولة العدو الاحلالي.
ولكن، المفاجأة الأهم، والتي يمكن اعتبارها "حدث العصر"، ما قاله ترامب في المناظرة مع المرشحة الديمقراطية "الحيوية" كامالا هاريس، بأنها تكره إسرائيل (كان يجب أن يربطها بأغنية المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم)، ورفضت لقاء رئيس حكومة دولة الكيان نتنياهو خلال زيارته الأخيرة يوليو 2024 للولايات المتحدة، بل هي لم تشارك في جلسة الكونغرس التي ألقى فيها خطاب "الأكاذيب التاريخية"، وبأن انتخابها سيؤدي إلى اختفاء إسرائيل خلال عامين.
ترامب تجاهل، بأن زوج هاريس، والذي قد يصبح "سيد البيت الأبيض الأول" في تاريخ الولايات المتحدة هو يهودي الديانة، وبأن دعمها لدولة الكيان لم يكن "سريا" ابدا، خاصة مع رئيس هو الأكثر صهيونية ممن سبقوه، وإدارته منحت تل أبيب وحكومة نتنياهو عشرات المليارات من الدولارات دعما ماليا مباشرا منذ أكتوبر 2023، ورفعت قيود عن تقديم أنواع من الأسلحة التدميرية، بما فيها القنابل الأكثر خطورة، دون تردد، رغم رفض نواب من الكونغرس، وبينهم أيضا "يهود" وأبرزهم ساندرز.
ولكن، أن يضع ترامب مستقبل إسرائيل وإمكانية أن تختفي من الوجود، فتلك المسألة التي يتم التطرق لها لأول مرة في حملات انتخابية منذ قيام دولة الكيان فوق أرض فلسطين التاريخية، وتشير إلى متغيرات لم يعد بالإمكان تجاهلها، بأن بقاء إسرائيل مرتبط كليا بموقف الولايات المتحدة منها، ما يعيد أصل النقاش الذي ساد طويلا البلاد العربية، قبل أن تتلاشى ارتباطا بالتطورات السياسية العاصفة.
جوهر "نبوءة ترامب" باختفاء إسرائيل، تستحق القراءة بكل جوانبها، ودوافع المقولة، والتي بدأت تتسلل إلى كتابات وتصريحات شخصيات يهودية في العالم والكيان، سياسية وإعلامية، بعد فوز تحالف "الفاشية اليهودية" برئاسة الثلاثي نتنياهو وبن غفير وسموتريتش نوفمبر 2022، حيث جسد دخول مكونات "حزبية" ظلامية الفكر والتفكير ضد "اليهودي الآخر"، إلى جانب كراهيته المطلقة للفلسطيني بل والعربي، ما دفع الكثيرون من "اليهود" التحذير المسبق من الخطر الكبير لهذا التحالف على مستقبل دولة الكيان.
خلال مظاهرات ما عرف بـ "الثورة القضائية" عام 2023، بدأت تقفز إلى سلم النقاش السياسي في إسرائيل تعابير منها، "خراب الهيكل الثالث"، واستخدام كلمات "الفاشية" لوصف مكونات التحالف الجديد، وهي كلمة كان استخدامها لوصف يهودي يمثل "جريمة خاصة"، وشكلا من أشكال معاداة السامية، فيما أصبح الحديث عن "الحرب الأهلية" منتشرا بشكل لافت جدا، بالتوازي مع بناء نظام فصل عنصري في أرض فلسطين المحتلة، ما يشكل خطرا جوهريا على مستقبل الكيان، وفقا لما كان نقاشا حول القادم السياسي وخطر الحرب الأهلية بعد 7 أكتوبر 2023، لكنه عاد يطل من جديد، مع عودة حركة التظاهر الواسع.
مقولة ترامب، حول اختفاء إسرائيل، قدمت إضاءة هامة لتصويب التفكير السياسي العام، حول "مقومات البقاء الذاتي" لدولة الكيان، وعلاقة ذلك بسلوكها الداخلي والخارجي، وهو ما يجب أن يصبح "سلاحا فكريا سياسيا"، في المرحلة القادمة، والتركيز على مختلف أركانه، وخاصة أن "التحالف الفاشي الحاكم" يقدم نماذج مساعدة لتلك المسألة بشكل دائم.
مقولة ترامب حول اختفاء إسرائيل، تفرض على الرسمية الفلسطينية إعادة صياغة رؤية جديدة في العلاقة مع "أعداء الفاشية اليهودية"، داخل الكيان وخارجه من اليهود، بعيدا عما كان من طريقة "بهلوانية".
مقولة ترامب يمكن أن تمثل قوة دفع لإعادة ترتيب اللجنة الخاصة في الجامعة العربية، بمضمون جديد وأدوات معاصرة، لفرض رؤية تتوافق والتطورات المتسارعة فوق أرض فلسطين، خاصة ما يرتبط بمشروع التهويد الاحلالي وحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
"نبوءة نوستراداموس ترامب" حول اختفاء إسرائيل خلال عامين، لو نجحت هاريس، هي الخدمة الأهم سياسيا، التي قد تسجل في تاريخه قبل أن يغادر الحياة السياسية وإلى الأبد، لو تم الاستفادة منها وفقا لما يجب أن يكون.