- مراسلنا: طيران الاحتلال يشن غارة على المخيم الجديد شمال النصيرات
- مراسلنا: تحليق لطائرة من نوع هيرمز 450 محملة بالصواريخ وسط رفح
- مراسلنا: شهيدان ومصابون جراء استهداف منطقتي معن والمواصي في خان يونس
في سياقهم الخارج عن كل منطق، يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورموز إدارته، في هرطقاتهم وكلامهم الصادم، الذي لا توافقهم عليه سوى العناصر المشبعة بأحقاد أصولية شديدة الضلال، مثل تلك التي ملأت جوف الإرهابي المجرم، الذي قتل الأبرياء من المُصلين المسلمين في نيوزيلاندا!
ترامب ورموز إدارته الذين أرهقوا بغرابة أطوارهم، مؤسسة الحكم في أمريكا نفسها وأطاحوا تقاليد العمل السياسي في شكلها ومضامينها؛ يعبرون عن شطحاتهم في تدوينات على "تويتر"، ويستمرون في تطيير الفتوى تلو الأخرى، في ثرثرات بلا ثقافة وبلا معرفة بالتاريخ ولا بأسباب النزاعات وحقائقها. يُنصّب ترامب نفسه قاضياً ويقرر على صفحته في "تويتر"إن هضبة الجولان السورية باتت إسرائيلية وأن الوقت قد حان لاعتراف الولايات المتحدة بوجاهة مثل هذا القرار. ومثلما قوبل الرجل بالسخرية أثناء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر الماضي، تلقى زعماء الأمم كلها تصريحه أو تدوينته بالاستهجان والسخرية، لأن هكذا قرار، الذي يخرج به على صفحة للتواصل الإجتماعي، لم يكن محصلة سياسات ولا خاتمة مداولات أممية، ولا يستوي مع أي منطق. كل ما في الأمر أن ترامب يقرر.
والغريب أن هذا الرجل لا يستفيد من ردود أفعال العالم على ما يثرثر به ولا يتعلم، ويبدو أن لا وقت لديه لكي يتأمل أو يستفيد من ردود الأفعال، لأن أحاسيسه المضطربة كانت في انتظار تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، الذي سيقدمه الى المدعي العام الأمريكي حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومدى تواطؤ موسكو مع حملة ترامب الرئاسية في العام 2016.
ولأن ترامب لا يريد أن يتعلم، فقد حدث في ديسمبر الماضي، عندما ألقى خطبته الرعناء أمام الجمعية العامة للأمم الامتحدة، فتضاحك الحاضرون من رؤساء الدول ووفودها؛ أن دعا الى مؤتمر صحفي، قال فيه إن زعماء العالم لم يضحكوا عليه، بل ضحكوا معه، وأنه كان أصلاً ينوي خلق أجواء من المرح، واستثارة الضحكات تحديداً، وبات لزاماً عليه اللجوء الى المبالغات والى الكلام الغرائبي!
الصحافة الأمريكية ومراكز رصد الأداء السياسي، سجلت حتى الآن ما يزيد عن خمسة آلاف تصريح للرئيس الأمريكي، تنطوي على الزيف أو التضليل أو الكذب أو الافتقار إلى الدقة، حسب مرصد تدقيق الحقائق التابع لصحيفة "واشنطن بوست" اليمينية نفسها. ذلك يعني أن ترامب يقرر على هواه، بينما أحد مراكز المتابعة يؤكد على أن الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين حطّم الأرقام القياسية في الشطط: في يوم يوم واحد من العام 2018 أدلى بــ 125 تصريحاً زائفاً، خلال 120 دقيقة فقط؛ كما تجاوز معدّله 32 ادعاءً كاذباً في الأسبوع. وأثناء إلقائه خطابه في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحاشى القائمون على البث المباشر لوقائع الجلسة، ، تسليط العدسات على وجوه الضاحكات والضاحكين من أكاذيب الخطيب العجيب ولغته!
في هذا السياق نفسه، خرج مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، وهو رجل يعتنق أصولية مشوّهه من العيار الداعشي، بتصريح واحد، يختزل به ثلاثة أكاذيب مشبعة بالدجل السياسي، الأولى أن حضرته ينطق باسم الرب ويبلغنا أن "الله قد سخّر دونالد ترامب، ليكون رئيساً لحماية إسرائيل من إيران". الكذبة الثانية هي أن إسرائيل ضعيفة، وباتت في خطر وأن إيران على وشك افتراسها. أما الكذبة الثالثة فهي أن إيران تنوي القضاء على إسرائيل فعلا!
ربما يكون بومبيو على قناعة، بأن أمثال ترامب، هم أخر من يختارهم الرب لأية مهمة، بحكم وقائع حياته كرجل يشتغل في مضاربات سوق العقار ووقائع تحرشاته واستعراضات عُري أسرته أمام الكاميرات وأكاذيب لسانه. لكن وزير خارجية الولايات المتحدة، لا يعرف أن شعب فلسطين كان يتستقبل الضيوف في بلاده بكل أريحية، بل إن وفود الأصوليين الأمريكيين الذين كانوا يأتون بالسفن الى فلسطين ومعهم براميل خشبية لتعبئتها بمياه نهر الأردن المقدس، كانوا يؤدون زياراتهم في حماية الفلسطينيين، حيثما كان الناس يعيشون في وئام وتعلو في حياتهم قيم الإخاء الإنساني التي يبددها معتنقو الأصولية المشوهة، من كل الأديان.