الكوفية:خاص: "تعفنت قدمي ولا زالت التحويلة المرضية بحاجة إلي تغطية مالية"، بتلك الكلمات، بدأ المصاب نور أبو شماله 27 عامًا، أحد جرحي مسيرات العودة الكبرى، حديثه لـ"الكوفية"، فالشاب الذي لم يتوانى عن تلبية نداء الوطن للمشاركة في فعاليات مسيرات العودة على حدود القطاع، لكسر الحصار عن غزة، تقاعست السلطة الفلسطينية، عن تلبية طلبه لاستكمال علاجه في الخارج، على مدار الثلاثة أشهر الماضية، بدعوى أن التحويلة لا زالت بحاجة إلي تغطية مالية لم يصل عليها موافقة بعد، دون تقديم أي سبب مقنع لهذا التأخير.
وقال أبو شمالة لـ"الكوفية":" لا يوجد سبب مقنع لهذا التأخير على التحويلة المرضية، سوي أني مواطن فقير بسيط، ووالدي ليس مسئول في حكومة فتح أو حكومة حماس".
وأضاف:" أنا قدمي تتعفن والغرغرينا قد تمتد إلي كل جسدي، ولم أحصل علي التحويلة بعد".
"نور" البالغ من العمر 27 عاماً، يتيم الأب والأم منذ ثمانية عشر عاماً، رحل والده ووالدته، تاركين له أخواته الاثنتين فقط، بلا مأوى، ليصبح "نور" منذ نعومة أظافره رب لأسرة، ومسئول عن توفير أجره بيت، وطعام وشراب، وكسوة وتعليم أخواته، وتوفير كل ما يلزم لهن، ترك مدرسته والتحق بصفوف العمال، فعمل في كل شيء ليوفر قوت يومه وأخواته.
بدأت معاناة "نور" مع رحلة العلاج، عندما استجاب لنداء الواجب الوطني في صباح يوم الجمعة الموافق 20/4/2018 ، وتوجه إلى حدود غزة في منطقة البريج وسط القطاع، للمشاركة في فعاليات تلك المسيرات، أصيب خلالها بعيار ناري متفجر في قدمه، وبقي ينزف قرابة إلـ10 دقائق قبل أن يستطيع أحد من رفاقه سحبه، من تحت نيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، لينُقل إلي مستشفى شهداء الأقصى في المحافظة الوسطي لتلقي العلاج.
وأوضح نور لـ"الكوفية":" أُجريت لي في مستشفى شهداء الأقصى، ثلاث عمليات، وقرر الأطباء بتر قدمي، لكني رفضت أن أعيش بقدم واحدة، وتم تحويلي إلي مستشفي الشفاء في مدينة غزة".
وأضاف :" هناك تم إجراء عملية ربط أوعية وأوردة لي، وبعد 15 يومًا تم إجراء عملية أخري لي، وبعد ذلك تم تحويلي إلي مستشفي الأهلي العربي في مدينة غزة، حيث قام الدكتور"فضل نعيم" بتشخيص حالتي قائلًا، أنه لا يوجد إي بصيص أمل من علاج قدمي، وأنه من الضروري بترها، مرجعًا أسباب ذلك تركيب جهاز بلاتين غير معقم بشكل صحيح، ما تسبب له بغرغرينا أدت إلي تعفن القدم، وبالفعل تم بتر قدمي من فوق الركبة".
ويحكي نور لـ"الكوفية":" بعد 4 أيام علي البتر قامت إدارة المستشفي بتسليمي القدم المبتوره، لأقوم بدفنها بيدي، بجانب قبر والدي ووالدتي".
ولكن قبل أن يقوم بدفن قدمه، قام "نور" بالنظر إلي ذلك الجزء من جسده بحسرة وألم وشاهد العمليات التي تم إجرائها في قدمه، وكذلك مكان العيار الناري الذي أصاب قدمه وتسبب في بترها، كأنه كابوس لا يستطيع أحد وصفه أو الشعور به سوي نور لأنه الوحيد الذي عايشه .
نور أُجري له 29 عملية جراحية، والآن قرر الأطباء إجراء عملية أخري له، ليتم بتر ما تبقي من قدمه، وذلك لعدم وجود عظام في قدمه، وسيقوم الأطباء بإغلاق فتحة الشرج، ووضع كيس بولي له .
نور بعد أن بترت قدمه، لا يجد مصدر رزق له، أجرة المنزل "الخالي من الطعام" تراكمت عليه، فالمطبخ لديه مكون من 4 أطباق وعدد قليل من الأكواب، غرفة نومه فرشة ملقاة على الأرض وأربعه مسامير، ثقبت في الحائط يستخدمها نور كعلاقة لملابسه، لا يمكنك أن تصدق شكل الحياة التي يعيشها نور، فهي مأساة بمعنى الكلمة بفعل رصاص الاحتلال وخطأ طبي في غزة وتجاهل السلطة في رام الله.
نور أبو شماله لم يلتفت له أحد من المسئولين ، رغم إطلاقه سيل من المناشدات، وتمنى نور لو أنه أُستشهد لكي يستريح من هذه المعاناة، فكل يوم يمر عليه تزيد احتمالية امتداد الغرغرينا إلي مكان أكبر في جسده .
ويتساءل نور هل هذه هي مكافئة من استجاب لنداء الوطن والواجب ؟، هل هذا هو جزاء من أخلص في حب وطنه وضحي لأجله؟ وناشد نور أبو شماله السيد الرئيس محمود عباس، ووزير الصحة الدكتور جواد عواد بضرورة الإسراع في تأمين التغطية المالية الأزمة لتحويله الخاصة، ليتمكن من السفر، وإتمام علاجه، حتى يتمكن من تأسيس حياة جديدة له، وكذلك ناشد القائمين علي مسيرات العودة والحكومة في غزة بضرورة النظر بعين الرحمة لجرحي مسيرات العودة ومعاناته، قبل أن يصبحوا في عداد الموتى .