خارج الصندوق الفلسطيني

سخرية التاريخ، وصل الفلسطينيون لطريق مسدود.. غباءً.. ضعفا.. أم هزيمة؟.. لم يعد التشخيص مهما كما تعود عليه البشر بأنه يوصل للعلاج، وبهذا كسر الفلسطينيون قواعد العلوم العملية والنظرية وباتوا نوعية جديدة من البشر يتصرفون خارج الكرة الأرضية، تحسبهم معلقون بين الأرض والسماء ولا ندري هم من فئة الشياطين أم الملائكة؟.. لكن المؤكد أنهم أصبحوا خارج المكونات الأرضية، وعليه لزم أن نعيد القراءة لهذه المخلوقات الجديدة، أي أن نفكر خارج صندوقنا الأرضي الفلسطيني، فصندوقنا أصبح ضيق المكان كما في طب الأسنان، يستمر العاملون به سنوات محشورين في تجويف الفم الصغير، فتضيق الآفاق وتكثر نسب الإنتحار للعاملين في هذا المكان/ المجال، ومثل مدرسي الصف الأول الإبتدائي بعد مرور السنوات الطوال تظهر عليهم علامات أمراض المهنة، أو كما يحلو لفهلويي الجراحين حين يصفون متخصصي الأنف والأذن بـ “بتوع التف والنف”.. إنه ضيق الأفق والمكان ما يضيق الحال.

قال أحدهم حين سأل صاحبه عن السياسيين.. فقال: من وجهة نظري أن من يعمل في السياسة لا يتمتع بالأهلية والحكمة، فهي مجال الفهلوة والكذب والتزوير والعنف، وتلك أقصى درجات الجهل المضلل التي لا تجتمع في شخصية إلا كان مريضا أو مجرما، حيث قوانين الأرض والسماء تحاكم الكذاب والمزور والعنيف المعتدي على الآخرين، فما بالك من يمارس الكذب والتزوير والعنف والإعتداء على جماعة أو شعب بكامله؟.

مشكلتنا في السياسيين، نعم، فقد مضى وقت طويل وهم يعاقبون شعبنا ويرتكبون الجرائم على الناس وعلى رؤوس الأشهاد وعلى الهواء مباشرة، في رحلة كذب وتزوير وفهلوة وعنف امتدت طويلا غيرت مجرى حياة أجيال نحو الأسوأ دون رادع من ضمير أو محاكمة على جرائمهم، فما العمل؟.

قالوا: مشكلتنا معقدة وليس لها مثيل أو قياس ففكروا خارج الصندوق، لديكم جيشان مدججان بالسلاح يقودهما كذابون، ومزورون، ودمويون، أحدهما يرفع لواء المقاومة ويقمع ويقتل الناس بسلاح المقاومة، وآخر يرفع لواء الوطنية ويقمع ويقتل الناس بمال الوطنية ووظيفة وراتب الوطنية، ناهيك عن قمع وقتل وحصار الناس من المحتل.

إثنا عشر عاما جربت كل عناصر حل الأزمة من داخل وخارج الصندوق، فكانت تؤدي إلى زيادة في حجم المعاناة والخسائر.. فما العمل؟.

الشعب غرقان في مستنقع العدوان من المحتل، ومثلث الفقر والجوع، والمرض، ولا يزال يجرب، لكن هذه المرة كسر حاجزا خطرا، فلم يأبه بشن غارات المحتل وإنطلق للشارع تحت القصف من السماء، وهراوة الأمن الثقيلة في رحلة أقل ما يقال عنها إنتحار، لكن ما عادت تفرق لديه، فهو ينازع منذ زمن ولا أحد يسعفه، فاقتنع بالإنتحار من أجل حياة أفضل، أو موت أسرع، وما يحاوله الفهلويون من الطرفين الظالمين بإعادته للركون، أو بقطف حاكم الثمار على حساب الحاكم الآخر، فهي خدعة لنفس أي من الحكام، فالشعب قام، قام، وسيطيح بالظالمين كليهما، فغزة ثائرة وستتبعها الضفة، فالمعركة الحاسمة هناك، وسيهزمهم شعبنا ويبدأ مرحلة جديدة ووجوه غير مجربة، أو محروقة،، فقد انتهت مرحلة السواد بكل من فيها، والنصر لشعبنا مهما حاولوا قمعه وتجويعه ومصادرة حقه وحريته.. فالظلم لا يدوم مهما طال .

الغد العربي