- جيش الاحتلال ينسف مباني سكنية شمال مخيم النصيرات بالقرب من محور نتساريم وسط القطاع
- قوات الاحتلال تنفذ عمليات نسف جديدة في مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
- جيش الاحتلال ينسف مربعات سكنية بمحيط دوار أبو شرخ ومنطقة الفالوجا شمالي قطاع غزة
المقولة العلمية تقول "كل فعل له رد فعل مواز له في القوة والتأثير". فما بال العالم وهو يتابع منذ قرن خلا قبل إقامة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية بثلاثة عقود، وإرهاب المنظمات الصهيونية مدعومة من دولة الانتداب البريطانية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وبعد إقامة الدولة الشيطانية في أعقاب نكبة الفلسطينيين الكبرى في مايو/ أيار 1948 تعاظمت عمليات القتل والتهجير والمذابح والتهويد والمصادرة والعنصرية في أجلى صورها، ثم احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية في يونيو/ حزيران 1967 بالإضافة لسيناء المصرية والجولان السورية وبعض الأراضي اللبنانية مع ما رافق هذا الاستعمار من مظاهر الاستعلاء والغطرسة واستخدام عصا الاعتقال والاغتيال والجريمة المنظمة وتعميق المشروع الكولونيالي الصهيوني بخطط التوسع والعدوان والمصادرة والتهويد، ونفي الحق الوطني الفلسطيني حتى على جزء متواضع من أرض وطنه الأم، وشطب حقه في تقرير المصير، فضلًا عن الحروب والاجتياحات والاقتحامات للأراضي والمدن والقرى والمخيمات وللمعابد المسيحية والإسلامية وحرق ونسف المساجد والأديرة والكنائس ... إلخ من جرائم العصر الحديث، وإعادة انتاج المحرقة النازية بنماذج تتوافق مع طبيعة المخططات الاجتثاثية للإنسان الفلسطيني العربي، وتغول المجتمع الصهيوني العسكرتاري الفاشي في الدم الفلسطيني.
هذا الواقع ومنذ أيضًا اليوم الأول لوجوده الإجرامي واللاشرعي على الأرض الفلسطينية وجد رد فعل وطني فلسطيني عربي منذ مطلع القرن الماضي عبر سلسلة طويلة من الثورات والهبات والانتفاضات الشعبية، التي للأسف الشديد تآمر عليها بعض الزعماء العرب في المحطات المختلفة، لا بل أن بعض أهل النظام العربي الرسمي كانوا شركاء في النكبة عام 1948( وهذا لا يشمل الاشقاء العرب الذين دافعوا واستشهدوا على ثرى فلسطين، ومازالوا مستعدين للدفاع عنها وعن عروبتها ومركزيتها) وفي كل نكبة وارتداد حصل في فلسطين تنفيذا لمآرب العدو الصهيو الأميركي. ومع ذلك لم يستسلم الشعب العربي الفلسطيني ولا قيادته الشرعية ولا ممثلي قواه وفصائله السياسية، وذهاب القيادة لخيار السلام، كان ذهابًا استراتيجيًا. لأن الكفاح التحرري الوطني كان لبناء ركائز السلام، وانتهاء وإزالة الاستعمار عن جزء من أرض الوطن الأم فلسطين.
غير أن إسرائيل المارقة وحكوماتها المتعاقبة ذهبت بعيدًا في غطرستها وفاشيتها، ولم تترك نافذة من نوافذ السلام فاتحة، بل قامت عن سابق تصميم وإصرار بإغلاق كل بصيص أمل لبناء خطوة صغيرة على طريق التسوية السياسية الممكنة والمقبولة، وغاصت حتى الركب في استباحة الدم والحقوق والأرض الفلسطينية، وارفقت جرائمها وإرهابها المنظم بسن جملة متواصلة من القوانين العنصرية الاستعمارية ذروتها ما يسمى "قانون القومية الأساس للدولة اليهودية" الذي صادقت عليه الكنيست في 19 يوليو/ تموز 2018، وقبله قانون النكبة، وبعده إلغاء قانون لم الشمل ... الخ
وتعاظمت جرائم حكومة بينت / لبيد ضد أبناء الشعب في العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس ضد أحيائها الستة، وفي الاقتحامات المتواترة للمسجد الأقصى، حتى يئير لبيد حاول تلميع صفحته الاجرامية أمام قطعان اليمين المستعمر، وتلاه زعيم الليكود الفاسد قبل يومين وقبلهم الفاشي خليفة مائير كهانا، ايتمار بن غفير، وقبله سموتيريتش وغليك، وكل زعران العصابات الصهيونية بهدف فرض التقسيم الزماني والمكاني في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما فعلوا في الحرم الإبراهيمي الشريف، ومازالوا يعيثون فسادًا في الأرض الفلسطينية، وترافق مع ذلك اقتحامات لأحياء وقرى ومخيم جنين وطولكرم ونابلس ورام الله وأريحا وقلقيلية وطوباس وسلفيت والبيرة والخليل وبيت لحم وبيت جالا والخضر، وحدث ولا حرج عن النقب ومدن وبلدات وقرى الجليل والمثلث والمختلطة وتقريبًا كل يوم ترتكب مجازر قتل واغتيال وآلاف المعتقلين غير الحواجز ومصادرة الحقوق والحريات والثروات الطبيعية.
في ضوء كل ذلك ماذا يتوقع الإسرائيليون الصهاينة؟ هل مطلوب من الفلسطيني أن يرش الورود عليهم ويبارك مجازرهم وحشيتهم، ويسلم بروايتهم، ويرفع راية الاستسلام في ظل عالم قائم على المعايير المزدوجة، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية المتوحشة، وتقدم الدعم المطلق بكل معايير الكلمة لدولة الإرهاب الصهيونية، أم الدفاع عن النفس الوطنية والقومية؟ لم تكن عملية الشهيد رعد حازم الزيداني أول أمس، وقبله عملية ضياء حمارشة وغيرهم إلا دفاعًا عن الذات الوطنية، ودفاع عن حق الأطفال الفلسطينيين بحياة كريمة، ودفاعًا عن التراب الوطني المستباح، ودفاعًا عن الرواية التاريخية الفلسطينية العربية.
لا رعد ولا ضياء ولا أي من الشهداء الأبرار يريد الموت، جمعيهم رواد حياة مقبلين عليها لا مدبرين، ولكن عندما تغلق إسرائيل الاستعمارية ومن خلفها أمريكا وكل من لف لفهم آفاق السلام، وتمارس القتل على الهوية الوطنية، وتغتصب الحقوق جهارًا نهارًا وعلى مرآى ومسمع من العالم اختاروا طريق الدفاع المشروع لفتح أبواب السلام والاستقلال الوطني ومجددًا أثبتت العمليات البطولية الأخيرة عن شجاعة وكفاءة نادرة للمناضل الفلسطيني، وأدخلت الرعب في إسرائيل، وزلزلت أجهزة الأمن كلها، ووضعتهم في دوامة من الإرباك غير المسبوق منذ عقود. تسع ساعات ورعد يقاوم جيش من القتلة، ولم يستسلم، وحول ليل تل ابيب وشارع ديزنكوف إلى نهار، وأخيرًا ذهب وصلى في الجامع في يافا عروس البحر الفلسطينية، وأَم في المصلين قبل أن يطلق رصاصاته الأخيرة على قتلة "الشاباك" الصهاينة، وأوقع فيهم قتيلان و23 جريحًا.
ومع ذلك سيبقى الفلسطيني قيادة وشعبًا معنيًا ومتمسكًا بخيار السلام، ولكنه لن يقبل بالاستسلام، ولن يرفع الراية البيضاء فإما أن تقبل إسرائيل السلام أو تواصل جرائم المحرقة الجديدة، بيد أن الفلسطيني سيبقى متمسكًا بالدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية مهما كان الثمن. ولا أمل بالسلام إلا بإعطاء الشعب العربي الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه الوطنية.