- جيش الاحتلال ينسف مباني سكنية شمال مخيم النصيرات بالقرب من محور نتساريم وسط القطاع
- قوات الاحتلال تنفذ عمليات نسف جديدة في مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
- جيش الاحتلال ينسف مربعات سكنية بمحيط دوار أبو شرخ ومنطقة الفالوجا شمالي قطاع غزة
يفاجئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خصومه الغربيين بضربة اقتصادية انتقامية معاكسة لوابل العقوبات التي فرضت على بلاده. أنه يدخل مفهوم "البتروروبل" إلى سوق مشتقات النفط في خطوة من شأنها إحداث شرخ في نظام المدفوعات العالمية.
بعد مرور شهر على انطلاق الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، اتضحت الصورة قليلا وطبيعة الأدوات التي يستخدمها الخصوم في المعركة. أمريكا والدول الحليفة تستخدم سلاح العقوبات والدعم العسكري اللوجستي لأوكرانيا، أما بوتين فيستخدم أسلحة خفيفة وثقيلة على الأرض تعيد رسم جغرافيا أوروبا ومستقبلها، ويستخدم أسلحة اقتصادية تغير قواعد وطبيعة الاشتباك.
قرار بوتين منع "دول غير صديقة" من دفع ثمن الغاز الروسي بالدولار أو اليورو يعيد الهيبة قليلا للروبل الذي أنهكته العقوبات، وأدت إلى خسارته أكثر من 75% من قيمته، وهو قرار تهدف روسيا من ورائه إلى إجبار دول الغرب على التعامل مع البنك المركزي الروسي وإمداده بالعملات الأجنبية بأسعار صرف عادلة.
السؤال المطروح هل تنجح الخطوة الروسية في وقف الدولرة في سوق المشتقات أم أن نظام بوتين سيواجه مزيدا من العزلة المالية ولن يحقق أهدافه؟
قبل الاجابة على هذا السؤال لا بد من التأكيد على حقيقة مفادها أن النظام المالي العالمي لن يكون بعد الحرب الأوكرانية كما كان بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا يعني مجازا اطلاق رصاصة الرحمة على اتفاقية "بريتون وودز"، التي حولت العملة الخضراء إلى مرجع لعملات العالم وعملة تسعير مطلقة، فالصينيون يعملون اليوم على تعزيز تعاملاتهم النفطية باليوان، ما يكرس مفهوم "البترويوان" في ثاني أكبر بلد مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة، ولا غرابة أن يظهر مصطلح "البتروروبية" في قادم الأيام، فالهند لاعبة أساسية في الاقتصاد العالمي وثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط ولديها طموحات اقتصادية لا تقل عن جارتها الصين .
هذا يقودنا إلى حقيقة أن النظام المالي العالمي لن يبقى على صورته التقليدية مستقبلا، فأنظمة المدفوعات البديلة قادمة على الطريق وسيكون سويفت أحدها فقط، أما نظام مير الروسي للمدفوعات فيتشكل حاليا بسرعة كبيرة وتبدو العملات المشفرة عملة للتحويل خارج رادارات البنوك المركزية العالمية.
وبالعودة الى قرار بوتين تحويل المدفوعات مقابل السلع الروسية إلى الروبل، يثير القرار جدلا حول التفاف موسكو على العقوبات وانتهاكها العقود المبرمة مع الدول وخصوصا الأوروبية. ونجاح موسكو أو فشلها في إضفاء المشروعية الدولية للتعاملات بعملتها يعتمد على الالية التي ستضعها لاستخدام الروبل وسعر الصرف العادل والقيمة المرجعية والمصارف الوسيطة للتعاملات المستقبلية.
الآلية الروسية ستنظم مدفوعات صادرات غاز قيمتها إلى 880 مليون دولار يوميا، إذ تمثل المدفوعات باليورو 58 % من صادرات الغاز الروسية بينما تشكل المدفوعات بالدولار 39%، وبالجنيه الاسترليني 3% فقط.
ويبدو أن بوتين أراد من قرار دفع الثمن بالروبل إيصال رسالة للعالم أن خصومه في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نسفوا الثقة في الأصول المقومة بالدولار واليورو بعد تجميد احتياطيات روسية في الخارج تفوق 300 مليار دولار .
فرض الروبل الروسي واليوان الصيني والروبية الهندية كعملات أساسية في سوق السلع العالمية يبدو مسألة وقت، والعقوبات المضادة التي ينتهجها الكرملين قد تضرب في المكان الذي يوجع عدوتها واشنطن وهو صميم تركيبة النظام المالي العالمي.
وقف "الدولرة"، يعني في المستقبل أن العقوبات الامريكية التي تتمحور حول استخدام الدولار لن تكون أدوات ضغط فاعلة لعزل الدول اقتصاديا أو حتى معاقبتها، لكن هذا السيناريو مستبعد حتى الآن بانتظار ما تسفر عنه الحرب وتداعياتها. إنها مسألة وجودية لروسيا ومصيرية لخصومها أيضًا.