يجيد الاحتلال فن إدارة المعركة معنا "بالقطعة، تارة يسخن الأوضاع في القدس فنذهب بجهدنا ومواجهتنا الى هناك، ولا تكد تبرد الاوضاع بعد طول عناء حتى يجرنا إلى معركة الأسرى فنهرول بجهودنا الى المطلوب منا للوقوف الى جانبهم، ثم يسخن جبهة غزة فيجرنا إلى مربع خياره الخبيث، ثم يفاجئنا في معركة المقاصة "يعني محاربتنا بخبز وحليب أطفالنا"، فيذهب جهدنا وخطابنا الى المواجهة، وعلى حين غرة يطلق قطعان مستوطنيه فنهب في وجه اعتداءاتهم ويذهب خطابنا إلى تسليط الضوء على جرائمهم والدعوة للتصدي لجرائمهم، في بيتا وكفر قدوم وسبسطيا وبرقة وغيرها.
نعم هذا المشهد الذي يتكرر منذ سنوات معارك "بالقطعة "يفرضها الاحتلال فيستنزف جهودنا وطاقاتنا ويبعثر قوتنا في معارك وعناوين متعددة هو يختارها وهو من يجرنا إليها، وهذا الامر ليس اعتباطيا أو دون تخطيط مسبق، بل هي خطة مدروسة بعناية ويعمل الاحتلال على تنفيذها وهو يعرف نتائجها مسبقًا.
يعرف ردود أفعالنا فيضع سيناريوهاته ويكرس الإمكانات المطلوبة من أدوات قمع وخطاب إعلامي وغيرها ليحقق مبتغاه بوضعنا في ملهاة من الأحداث المتقطعة التي لا تنتهي، حتى يربك المشهد الفلسطيني ويجعلنا ندور حول أنفسنا في معارك استنزاف تشتت جهودنا وقوتنا وإمكاناتنا وطاقاتنا.
لقد آن الآوان لأن تكون لنا استراتيجية مضادة تمامًا لاستراتيجية المحتل تقوم على الفعل وليس ردة الفعل، الفخ الذي ينصبه لنا الاحتلال ويجرنا نحوه، وهذه الاستراتيجية يجب أن تقوم على ـساس واحد وهو مواجهة الاحتلال كل الاحتلال، فكل القضايا التي يجرنا إليها المحتل هي بالأساس إفراز طبيعي لمعنى الاحتلال البشع سواء تهويد القدس او الاستيطان أو..أو.. وهلم جرا.
لقد آن الآوان أن تكون لنا حساباتنا الخاصة في المواقيت والأساليب والأهداف لمواجهة الاحتلال تحت عنوان واحد وكبير أن نكون نحن أصحاب الفعل المخطط والمدروس ولا ننجر إلى معارك "القطعة" التي يجرنا إليها ويستنزف ويشتت قوتنا، وهذا لا يعني أن شعبنا في كل مواقع المواجهة كان مقصرًا لا سمح الله بل على العكس بذل الغالي والنفيس لحماية حقوقه، ولكن في المقابل وللأسف كان المحتل المبادر ونحن عملنا بردة فعل على مبادراته الإجرامية الخبيثة، وهذا ما يجب أن يتغير؟، وآن الأوان أن يتغير وقلب المعادلة رأسًا على عقب.