واضح أننا أصبحنا على بُعد خطوات قليلة من الإعلان عن صفقة القرن، ذلك ما أكدته السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكى هايلى منذ بضعه أيام. قد يكون منتصف مارس المقبل هو موعد الإعلان كما أشارت إلى ذلك عدة تقارير صحفية. مؤكد أنك تابعت اللغط الذى أُثير حول تلك الصفقة منذ تواتر الحديث عنها قبل عام (أبريل 2017). لا شكّ أن كثيراً من الشعوب العربية، وعلى وجه التحديد الشعب الفلسطينى، تضع يدها على قلبها فى انتظار ما سيتمخض عنه هذا الإعلان. فثمة مواقف ومؤشرات عدة تثير القلق لدى هذه الشعوب مما يمكن أن تشتمل عليه الصفقة.
أول مؤشر للقلق يرتبط باندفاع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ليتخذ القرار الذى تجاوز به كل الحدود التى سبق أن التزم بها رؤساء الولايات المتحدة الذين سبقوه. ويعنى ذلك ببساطة أن الصفقة قد تشتمل على أفكار «صادمة» لحل مشكلات مزمنة، أفكار تتجاوز حدود المقبول والمعقول الذى تربت عليه العقلية الشعبية العربية فى التعامل مع المشكلة الفلسطينية. خلال اللقاء الذى أعلنت فيه «هايلى» قرب الإفصاح عن تفاصيل صفقة القرن أعادت تكرار العبارة التى سبق أن قالتها عند الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، عبارة: «ظن البعض أن السماء ستسقط على الأرض عند الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، لكن السماء لا تزال فى مكانها». هذه العبارة تحمل مؤشراً على أن الصفقة قد تحمل أفكاراً وأطروحات «صادمة»، يظللها اطمئنان من جانب الولايات المتحدة من أنها لن تؤدى إلى إسقاط السماء على الأرض!.
المؤشر الثانى يتعلق بالتسريبات التى ظهرت فى بعض التقارير الإعلامية، وما أشارت إليه من أن الصفقة تعيد إحياء بعض المشروعات القديمة التى اشتملت على أفكار يصحّ أن نصفها بالعجيبة أو الغريبة. ولا خلاف على أن البطء فى الإعلان عن تفاصيل الصفقة أشعل خيال الكثيرين حول المفاجآت أو الصدمات التى يمكن أن تشتمل عليها بالنسبة لشعوب المنطقة. فعندما يتم الإعلان عن تفاصيل الصفقة بعد طرح عنوانها بعام كامل لا بد أن يتولد لدى الشعوب نوع من التحسب لما يمكن أن تشتمل عليه. والأرجح أن هذا العام شمل تمهيدات وتحضيرات واجتماعات لتبليع أطراف المشكلة أفكاراً لم تكن مقبولة لديهم فيما سبق، بحيث تكون كل الأمور قد استوت عند الإعلان عن التفاصيل، لأن القيادات التى تم التحاور والتشاور معها سوف تتولى بدورها مهمة إقناع الشعوب بما يصعب عليها تصوّره واستساغته.
ويتصل المؤشر الثالث بالرئيس عباس «أبومازن» الذى اتخذ موقفاً فى منتهى التشدد من الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أقدم «ترامب» على خطوة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل. وهو موقف غير معتاد من الرجل. وإذا كان الطرف الأكثر مرونة اتخذ موقفاً بهذا التشدد، وأعلن رفضه لدور الولايات المتحدة كراعٍ للسلام، فإن ذلك يعنى أن الصفقة تشتمل على أفكار مدهشة، إلى درجة تجعل الحليم حيرانَ!.