لأن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية متفردة ومميزة، ولأن ما يجمعهما من مصير ومسار مشترك ضارب في أعماق التاريخ، ولأن مصر تمثل عمق الأمن القومي العربي والامتداد لأمن منطقة الخليج، فإن مشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يوم أمس في افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية في منطقة جرجوب بمحافظة مطروح المطلة على البحر الأبيض المتوسط، هي تعبير عن تقدير لمصر وما تمثله من قوة للعرب أجمعين.
يأتي افتتاح القاعدة في الذكرى الثامنة للقرار العظيم بانضمام الجيش المصري إلى الشعب في انتفاضته ضد نظام "الإخوان" وترجمة لروح ثورة 30 يونيو عندما زحف شعب مصر إلى شوارع وميادين المدن المصرية بالملايين للتخلص من قيود الظلام طلبًا للحرية.
لقد قدم سمو ولي عهد أبو ظبي التهنئة للرئيس السيسي ولمصر حكومة وشعبًا بمناسبة تدشين القاعدة، ومواصلة الإنجازات والمشاريع الحيوية النوعية التي تحققها في مسيرتها نحو التقدم والبناء والتنمية، متمنياً لمصر الشقيقة مزيداً من التطور والازدهار في ظل قيادة الرئيس السيسي، وهي تهنئة من القلب إلى القلب باسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وكل حكام الإمارات وشعبها، تقديراً لمصر وشعبها.
لقد عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن سعادته لحضور افتتاح قاعدة 3 يوليو، لأن هذه القاعدة تمثل إضافة جديدة لمنظومة القواعد البحرية المصرية، بحيث تكون نقطة ارتكاز ومركز انطلاق للدعم اللوجستي في البحرين الأحمر والأبيض المتوسط لمجابهة أية تحديات ومخاطر قد تهدد المنطقة، ومواجهة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية أو عمليات القرصنة، والأهم أن مصر، من خلال هذه القاعدة، تؤمِّن عمقها الاستراتيجي الشمالي والغربي من أي مخاطر محتملة من أي جهة كانت، كما تصون مقدراتها الاقتصادية وثرواتها الطبيعية في المتوسط، وتمنع كل محاولات العبث بأمنها، وتؤمِّن خطوط النقل البحري باستخدام المجموعات القتالية من الوحدات السطحية والغواصات والقوات الجوية، خصوصاً مع دخول 47 قطعة بحرية جديدة إلى الخدمة في القاعدة.
تكمن أهمية القاعدة في أنها تقع على بعد 70 كيلو مترًا فقط من الحدود الشرقية لليبيا، وافتتاحها أمس يمثل دعماً لقدرات مصر في تحقيق الأمن القومي العربي أيضاً. كذلك فإن القاعدة سوف تشكل صمام أمان للمحطة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية القريبة، التي سيتم الانتهاء من تشييدها خلال العامين المقبلين.
إن قاعدة 3 يوليو البحرية تشكل إضافة مهمة لصيانة الأمن المصري، ودرعاً واقية للأمن القومي العربي. فالأمن القومي مسألة لا تنتظر التأجيل أو التسويف أو الإهمال، ولا تحتمل انتظار حدوث الخطر، بل الاستعداد المسبق له وإعداد ما يلزم من قوة الردع.
مصر ليست مسؤولة عن أمنها فحسب، بل عن أمن كل العرب.. هكذا كانت عبر التاريخ وهكذا هي الآن.
الخليج