الكوفية: عقد رئيس حكومة دولة الكيان يوم 18 نوفمبر 2018، مؤتمرا صحفيا بدأ متوسلا اليمين واليمين الفاشي، بأن لا يتركوه "وحيدا" في مهب الرياح السياسية التي أصابته حكومته، نتيجة عدم قيامه بتدمير أكثر في قطاع غزة، واعتبار قبوله بوقف اطلاق النار والاستجابة للرسالة المصرية "الحادة"، خنوعا ما كان يجب أن يتم.
مشهد نتنياهو أعاد للذاكرة تلك اللحظة في مطار تل أبيب، وهو يقف مرتعشا أمام متظاهريين "فاشيين" يطالبونه التراجع عما وافق عليه مع الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، بحضور الرئيس الأمريكي كلينتون في قمة "واي ريفر" أكتوبر 1998، فسارع الى القول أنه لم يتفق ولن ينفذ ما تم التوافق عليه، تراجع الجبن أم رياح الانتخابات القادمة.
حاول نتنياهو، بكل ما يملك من فنون الخدع الكلامية والجسدية، ان يعمل بكل سبله الحفاظ على الواقع القائم، وعدم الدفع لانتخابات مبكرة، وهو يعلم يقينا أن ما سيكون لن يجلب "خيرا سياسيا" للكيان، أي كانت نتائج تلك الانتخابات، فالثمن قد لا يكون سقوطا برلمانيا فقط كما حدث عام 1998، بعد أن قفز من توافق "واي ريفر"، عندما قادت واشنطن حملة اسقاطه الانتخابي وأتت بالأكثر كذبا وخداعا براك.
نتنياهو لجأ في مؤتمره الصحفي لكل ما يملك مخزونه من أدوات، لكن السلاح الذي حاول به أن يرهب القاعدة اليمينية التوراتية والمتطرفين في المجتمع الإسرائيلي، كان إعادة تذكير هؤلاء باتفاق إعلان المبادئ عام 1993 (اتفاق أوسلو)، والذي وصفه بـ"المأساة"، التي حدثت بسبب اسقاط حكومة اليمين الفاشي عام 1992 واجراء انتخابات مبكرة، أدت لفوز حزب العمل وتحالفه بقيادة رابين.
تذكير نتنياهو، بـ"مأساة أوسلو"، رسالة الى "التوراتيين" في الكيان والمستوطنين بالضفة والقدس أن سقوط حكومته واجراء انتخابات جديدة قد يفتح الباب لفرض عملية سياسية تجبرهم على التخلي عن بعض من مشروعهم التهويدي، وربما غمز بذلك من قناة الصفقة الأمريكية "صفقة ترامب"، رغم أن اسسها تتوافق كليا مع المشروع التهويدي الأبرز، ما يعرف بـ"خطة شارون"، التي ناقشها مع محمود عباس عام 1995 بعد عودته لغزة باسبوع واحد فقط.
نتنياهو، يعلم جيدا، أن الصفقة الأمريكية لا تمس مطلقا جوهر "المشروع التوراتي"، بل العكس هي تعمل على ترسيخه كواقع سياسي، لكن الهدف رسالة سياسية لمنع سقوط الحكومة التي ترنحت وفي طريقها الى الحل نحو انتخابات مبكرة.
مخاوف نتنياهو من المرحلة القادمة، ليس لفقدانه موقع الكتلة الأكبر، لكن الثمن قد يكون أكثر كلفة سياسية مما هو قائم، فالتطرف سيفرض ذاته على مشهد الحملة الانتخابية، الأمر الذي قد يدفعه للذهاب الى حملة عسكرية ما ضد قطاع غزة، او ضد قواعد إيرانية في سوريا ومعها قواعد حزب الله في لبنان.
حملة قد يكون ثمنها أكثر ضررا من أي ربح عسكري، فالمنطفة مخزونة بالكراهية ضد الكيان، وأي اشتعال لحرب جديدة قد تفجر حالة من الغضب تحدث "زلزالا سياسيا" غير محسوب، ولعل العدوانية الأخيرة على قطاع غزة أظهرت، رغم قصر الفترة الزمنية، ما سيكون لو قامت تل أبيب بأي "مغامرة عسكرية جديدة"، الى جانب ما قد يكون ثمنا عسكريا مضادا، تكون فيه تل أبيب هدفا مركزيا لصواريخ لبنان وغزة.
نتنياهو يعلم تماما، ان أي فوز لمعسكره سيكون أكثر يمينية مما كانت عليه، ما سيدخلها في "عزلة إقليمية" تطيح بكل ما تحدث عنه من "منجزات" مع المشهد العربي واسقاط الاتفاق النووي مع ايران.
الانتخابات الاسرائيلية المبكرة، لن تكون ربحا للفلسطينيين كما يحاول البعض تسويقه كنصر جراء "الغزوة الغزية" الأخيرة، وبدلا من العيش في مهرجانات "النصر المبين"، وجب الاستعداد الوطني العام لمواجهة ما سيكون، والعمل على ترتيب الممكن من الداخل الفلسطيني، دون انتظار.
الحرب السياسية - العسكرية هي عنوان المرحلة القادمة، فهبوا للعمل، كي لا يكون الثمن نكبة رابعة!
ملاحظة: بيان مركزية فتح (م 7) رفضا لمهرجان التيار الإصلاحي لذكرى الخالد، وقع في مطبات كثيرة، خاصة وأنهم يعلمون جيدا من كان "كعب أخيل" لمؤامرة تصفية الشهيد المؤسس..مش كل صراخ مفيد يا هووو!
تنويه خاص: بعيدا عن تفسير "النوايا"، رفض صائب عريقات أمين سر تنفيذية عباس لحملة هيلي في مجلس الأمن ضد حماس كان جيدا.. يا ريته يكمل جميله ويطالب عباس بوقف حرب حصاره العام على غزة!