صادفت الأيام الماضية وأنا أتحدث هاتفيا مع زميلات وزملاء من فلسطين، أن تنهي المكالمة قبل أن تبدأ أو ينتهي الحوار على احدى وسائل التواصل وأبرزها «المسنجر» ونحن ما نزال في بداية الحديث، الذي كان يدور بيني وبينهم حول آخر الأحداث على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واطلب العون منهم بالحصول على أرقام هواتف لأشخاص ومسؤولين للتواصل معهم لغايات المتابعة المهنية.
سبب انهاء الحديث مع أحد زملائي في إحدى المرات تنفيذ عملية فدائية، فكان توقف الحديث يتسلله الكثير من الفرح والفخر من زميلي، الذي قال لي «اليوم ما فطور، عملا وسعادة»، في حين غلب على باقي المكالمات عدم اكمال الحديث تعرض الطرف الآخر لإحدى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، لوسائل الاعلام التي باتت تكشف عورات انتهاكاتهم وحربهم على شعب أعزل سلاحه جسده فقط، وسائل الاعلام التي تنقل للعالم وتحنّط للتاريخ مشاهد حالات ظلم واعتداءات وانتهاكات لا وصف لها بالكلمة، لينتهي الحوار بكلمة هي ذاتها «ها هم بدأوا».
نعم ها هم بدأوا حربهم على المصلين وعلى المعتكفين وعلى الصائمين، بدأوا استفزازاتهم والنيل من حق العبادة لكل من وصل الأقصى الشريف، ظنّا منهم أنهم بذلك يخيفون صاحب الأرض، وصاحب الحق، يخيفون من جعلوا من أرواحهم واجسادهم دروعا لحماية المقدسات، ولوطن، قابضين على جمر الاعتداءات بأعلى درجات المقاومة التي لا تعرف دربا لنيل الحق سوى بتقديم الروح والجسد فداء لدينهم وللأقصى وللوطن.
في كل مرة كنت أنهي مكالمتي مع زملائي في فلسطين، أصاب بحالة نفسية غريبة، تعلو بها صوت الأسئلة هل الكلمة التي تصدر في القدس المحتلة، ومن فلسطين المحتلة، كأي كلمة تصدر على هذه المعمورة، حتما لا.. ففي مهمة زملاءنا في الأراضي المحتلة تغيب قواعد الصحافة والاعلام بكامل تفاصيلها، ففي رسالتهم مدرسة وقواعد خاصة لا تشبه أي مدرسة صحفية واعلامية أخرى، فهم المدافعون عن تراب وطنهم، ويحملون أمانة نقل الحقائق والانتهاكات للعالم كافة، هم عين الحقيقة على أرض فلسطين المحتلة، وهي مهمّة ليس سهلة إن لم تكن خارقة نظرا لما يواجهون من حرب مستمرة تستهدفهم بها قوات الاحتلال، وتستهدف أجهزتهم الفنية وكاميراتهم وأرواحهم، يضاف لكل ذلك حالات الاعتقالات التي لا تتوقف بين صفوف الصحفيين والاعلاميين من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
نعم الكلمة من فلسطين والقدس تحمل مضامين العمل والنضال، والثورات البيضاء على الاحتلال الذي تجاوز كل حدود الإنسانية، وحدود الرحمة فيما يقترف من جرائم ضد الشعب صاحب الحق وصاحب الأرض الشعب الفلسطيني، احتلال لم يبق سواه في العالم، احتلال جبال راسيات لا تأبه بأدوات حربهم، فهي قوة أصحاب الحق التي لا ولن يقوى على هزيمتها كل أسحلة العالم، في كلمتهم يعلنون النصر في كل تقرير يبث وكل صورة وكل موضوع يكتب، نصرهم على حرب الاحتلال ضدهم ونصرهم باعلان الحقائق بعين وقلم فلسطيني يظهر الحقيقة كما هي لا كما تريدها قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال التي تحميهم.
الدستور الأردنية