لطالما شكَّل التراث دليلًا على أصالة الشعوب والتحامها بأوطانها، وفي الحالة الفلسطينية امتاز ببُعد وطني ونضالي خاصة بعد عام 1948، حين هجًّر الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين، من أرضهم وحاول أن ينفي عنهم هويتهم وتراثهم.
لذلك حرص الفلسطينيون على مدار 68 عامًا على نقل تراثهم الشعبي من جيل لآخر لحمايته من الطمس والضياع، وإبقاء هويتهم الثقافية والوطنية حاضرة في العقول كما القلوب تمامًا.
وتُعد الدبكة الشعبية الفلسطينية جزءً من تراث وذاكرة الشعب الفلسطيني، ومن أهم صور التراث، الذي يستند إلى إرث فني وثقافي يمتد زمناً طويلاً عبر التاريخ، حيث تشتبك الأيدي خلال أدائها كدليل على الوحدة والتضامن، وتضرب الأرجل بالأرض بقوة دلالة على العنفوان والرجولة.
وترافقها أغانٍ تعبر عن عمق ارتباطنا بالوطن وجماله وخصاله، وهي رقصة فلكلورية تمارَس عادةً في الأعراس الفلسطينية، حيث تتخذ عدة أشكال:
- دبكة الدلعونا: وهي ذات إيقاع متوسط، وأصبحت الدلعونا تغنى بأغانٍ جديدة الكلمات دون تغير في الرتم مع اختلاف في النغمات أحياناً، كأن نقول مثلاً على دلعونا ونضع أي كلمات نريدها حسب المناسبة.
- دبكة زريف الطول: ينتشر فيها المديح والبحث عن مناقب البنت الحلوة أو الفتى، أو المناقب الموجودة في البشر، وهي تستخدم عادةً في الغزَل خلال الأفراح والمناسبات الأخرى.
- دبكة الدحِّيّة: وينتشر هذا اللون من الدبكة عند البدو وهي خاصة بهم، وفيها تصفيق بطريقة خاصة تسمى "تسحيجات"، ويردد المشاركون كلماتٍ قد لا يفهمها الآخرون.
والدبكة الفلسطينية استطاعت أن تجوب العالم، لتنقل صورة المعاناة التي عصفت بالفلسطينيين على مر سنوات الاحتلال، وساهمت بشكل كبير في توثيق التاريخ وإحياء التراث الفلسطيني الأصيل بصورته النقي.