اليوم الخميس 25 إبريل 2024م
عاجل
  • الاحتلال يفرج عن 34 مواطنا من معبر كرم أبو سالم اعتقلهم في وقت سابق من مناطق متفرقة في غزة
الاحتلال يفرج عن 34 مواطنا من معبر كرم أبو سالم اعتقلهم في وقت سابق من مناطق متفرقة في غزةالكوفية استشهاد 3 أطفال بعد استهدافهم بصاروخ من طائرة استطلاع في محيط المستشفى الإندونيسيالكوفية أهالي جنين يشيعون جثمان الشهيد الطفل عروق إلى مثواه الأخيرالكوفية بث مباشر.. تطورات اليوم الـ 202 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية علاقة قطر مع حماس.. من الرعاية الكاملة إلى الاستضافة المؤقتةالكوفية خطة إسرائيل لاستبدال «أونروا» في التعليمالكوفية الاحتلال يشدد إجراءاته عند حاجز تياسير العسكري شرق طوباسالكوفية الاحتلال يسحب لواء الناحال من قطاع غزةالكوفية الصحة: الاحتلال ارتكب 5 مجازر ضد العائلات في غزة راح ضحيتها 43شهيدا و64 مصاباالكوفية الصحة: نناشد بضرورة التدخل وتوفير الوقود اللازم لاستمرار تقديم الخدمات للمرضىالكوفية الصحة: نحذر من قرب توقف مولدات الكهرباء الخاصة بالمستشفيات نتيجة عدم توفر الوقودالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة نايفة في شارع الحطبية في مدينة بيت لاهيا شمال القطاعالكوفية فيديو| قوة خاصة إسرائيلية تختطف شابًا من نابلسالكوفية مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليهاالكوفية الهلال الأحمر: نحذر من انتشار كبير للأمراض المعدية بين صفوف النازحينالكوفية تحذيرات من توقف مولدات الكهرباء الخاصة بالمستشفيات نتيجة عدم توفر الوقودالكوفية «التنمية»: بدء صرف مساعدات للأيتام في قطاع غزةالكوفية يتسحاك بريك: الجيش الإسرائيلي يكذب حول أعداد القتلى من حماسالكوفية سموتريتش: يجب قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينيةالكوفية غارة إسرائيلية على محيط بلدة دورس شرق لبنانالكوفية

عندما ولدت دولة كبرى هنا

11:11 - 21 فبراير - 2021
عبد الله السناوي
الكوفية:

"لقد ولدت دولة كبرى في الشرق".. كان ذلك توصيفاً استراتيجياً للجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة أطلقه "جمال عبد الناصر" عقب إعلان دولة الوحدة المصرية السورية يوم 22 فبراير/ شباط 1958.
المشاعر تدفقت كطوفان، والأحلام لامست السماء في بناء دولة قوية وموحدة " تصون ولا تهدد تحمي ولا تبدد تصادق من يصادقها وتعادي من يعاديها".
لم يكن الوصول إلى هذا اليوم من أعمال المصادفات بقدر ما كان تعبيراً عن حقائق جديدة تتحرك، طموحات وصلت ذروتها، وصراعات تصاعدت في المنطقة.
لا موضع الآن لحديث عن أية وحدة عربية، وأقصى ما نتطلع إليه تجنب سيناريوهات التقسيم الماثلة في سوريا وبلدان أخرى.
بين حلم الوحدة وكابوس التقسيم قصة طويلة وأليمة أهدرت فيها كل القضايا، وارتكبت كل الخطايا واستبيحت كل المحرمات.
بعد حرب السويس عام ١٩٥٦، وفشل إخضاع مصر وضعت خطة أطلق عليها "استراجل". كانت تقضي بأن إسقاط سوريا يفضي مباشرة إلى عزل مصر وبعثرة العالم العربي.
كانت سوريا مهددة في صميم وحدتها الداخلية ومكشوفة لتدخلات إقليمية ودولية، ومشروعات انقلابات عسكرية، أو غزو من الخارج، يقوده رئيس الوزراء العراقي "نوري السعيد"، الرجل الذي ارتبط أكثر من غيره بسياسة الأحلاف العسكرية في المنطقة.
بحكم موقعها الجغرافي لم يكن ممكناً لسوريا أن تنغلق على نفسها تحت أي ادعاء، أو أن يكون لها مستقبل خارج عالمها العربي بأية ذريعة.
كانت الوحدة المصرية -السورية خطوة متقدمة أكدت قدرة العالم العربي على ملء الفراغ بنفسه بعد انهيار الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية بأثر نتائج حرب السويس دون حاجة إلى أحلاف تخضع لحسابات استراتيجية أمريكية ضد مصالحه ومستقبله.
كما كانت تطويراً لنتائج حرب السويس، التي ألهمت حركات التحرر الوطني في العالم الثالث كأن فوران غضب على الإرث الاستعماري اندلع فيه.
في ذلك اليوم الفريد تبدت حالة سياسية ووجدانية قد يساعد التوقف عندها على تلمس بعض ما يجري الآن تحت السطح العربي الساكن، أو المشتعل بالنار، من خلجات نفوس وأحلام محبطة.
إنها أمة واحدة كاشفت نفسها في لحظة أمل أنها تستطيع أن تصنع التاريخ وتبني دولة منيعة قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر، وأن تأخذ أحلامها إلى أرض الواقع.
بعد إعلان الوحدة كانت دمشق تنتظر وفداً مصرياً رفيعاً قادماً إليها. عندما هبطت الطائرة المصرية في مطار دمشق كانت المفاجأة صاعقة، فالذي هبط منها هو "جمال عبد الناصر" نفسه دون إخطار مسبق.
بدأ الزحف العظيم من المدن والقرى السورية لترى بالعين رئيس الجمهورية العربية المتحدة. تدفقت على دمشق كتل شعبية أخرى عبر الحدود العربية المجاورة خاصة من لبنان.
حملت الحشود المتدافعة سيارة "عبد الناصر" على الأكتاف في مشهد تراجيدي تاريخي يكاد لا يصدق. سهرت حتى الفجر بالمشاعل أمام قصر الضيافة. من وقت لآخر ينادونه بلا كلل: "طل علينا يا جمال".
في فكرهم ووجدانهم تأميم قناة السويس وإحباط العدوان على مصر ومعارك التحرر الوطني ومحاربة الأحلاف الاستعمارية وتنويع مصادر السلاح والانحياز إلى الحق الفلسطيني ومبادئ باندونج.
 شيء آخر عميق ومتوارث دعاهم إلى استدعاء الأمل بالهمة. المعاني أهم من الرجال، والقضايا الكبرى تلهم الناس العاديين أنهم يمكن أن يصنعوا تاريخهم بأنفسهم، وأن يوقفوا أي امتداد جديد لقرون من الإذلال والتهميش.
رغم الخطط والمؤامرات على الوحدة المصرية -السورية، وكلها ثابتة في وثائق وشهادات واعترافات، إلا أنها سقطت من داخلها قبل أي فعل خارجي، وتسببت أخطاء جوهرية بصميم التجربة على تسهيل الانقلاب على الوحدة في 28 سبتمبر/ أيلول 1961، نفس اليوم الذي رحل فيه "عبد الناصر" بعد تسع سنوات.
فـ "مصر" بالثقافة والهوية والجغرافيا والتاريخ مشدودة إلى محيطها العربي، المصائر مشتركة، والقضايا واحدة وعندما تنكرت مصر لأدوارها جرى ما جرى لها من تهميش وتراجع في المكانة.
في ذكرى الوحدة الأسئلة الكبرى تطرح نفسها: لماذا انكسر العالم العربي وفقد ثقته في نفسه ومستقبله، بعد أن حلقت أحلامه في عنان السماء؟ كيف وصلنا إلى الكابوس؟ ثم إلى أين المصير؟ هناك مجموعتان من الإجابات.
الأولى تدور حول الصراع على المنطقة ومستقبلها، فمشروع الوحدة موضوع صراع ضارٍ، وقد ناهضته قوى دولية وإقليمية ذهبت إلى استخدام السلاح والتآمر، وهذا ثابت بعشرات الوثائق.
والثانية تعود إلى ثغرات جوهرية في تجربة الوحدة المصرية -السورية، التي مكنت من الانقضاض عليها وتصفيتها بالانفصال بعد ثلاث سنوات ونصف السنة، وهذه خضعت لمراجعات عديدة، لكنها لم تستقر على أية رؤية تؤسس لتجارب أخرى أكثر نضجاً وقدرة على البقاء حتى داهمتنا بعد عقود احتمالات تقسيم سوريا والعراق وليبيا واليمن ودول عربية أخرى تطلعت ذات يوم للوحدة بينها.
لم تخترع ثورة "يوليو" المشروع العروبي، لكنها جسدته أملاً حياً على الأرض بسياسات تبنتها ومعارك خاضتها، نجحت وأخفقت، وعبرت في الأحوال كلها عن حقيقة لا يمكن تجاهلها أن قوة مصر في عالمها العربي والخروج منه يفضي إلى عزلتها وتقويض ثقتها في نفسها، كما يفضي إلى إضعاف العالم العربي واستباحته.

 

الخليج

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق