اليوم الاحد 24 نوفمبر 2024م
تأثير المنخفض الجوي على النازحين في دير البلحالكوفية النازحون.. هروب من جحيم القصف إلى مأساة الغرقالكوفية تطورات اليوم الـ 415 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية 35 شهيدًا و94 جريحًا في 4 مجازر إسرائيلية بغزةالكوفية الاحتلال يهاجم طلبة مدارس الخضر جنوب بيت لحمالكوفية مسؤولون إسرائيليون : ترامب القادر على اقناع نتنياهو بإنهاء حرب غزةالكوفية جيش الاحتلال: رصد إطلاق عدة صواريخ من لبنان نحو تل أبيبالكوفية الإعلام الحكومي: الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية بغزة بشكل مخططالكوفية نتنياهو يطلب تأجيل شهادته أمام المحكمة في ملفات الفساد بذريعة مذكرات الاعتقال في الجنائية الدوليةالكوفية عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصىالكوفية قصف جوي إسرائيلي في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزةالكوفية الدفاع المدني يُحصي خسائر بقيمة مليون و300 ألف دولار جراء الحرب على غزةالكوفية القناة 12 الإسرائيلية: إطلاق أكثر من 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل منذ ساعات الصباحالكوفية بلدية خانيونس تعلن توقف مضخات ومحطات الصرف الصحي عن العملالكوفية إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزةالكوفية لبنان.. 12 شهيدًا بمجزرة إسرائيلية في "شمسطار"الكوفية "ألماس".. حزب الله يستنسخ الصواريخ الإسرائيليةالكوفية مستوطنون يعتدون على مواطنين بمسافر يطا جنوب الخليلالكوفية شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزةالكوفية تشكيلة ترامب للمناصب في إدارته الرئاسية – طالع الأسماءالكوفية

سجن أبو غريب: ذِكراكَ ألمٌ يُوجِعنا

16:16 - 28 إبريل - 2020
عبد الناصر عوني فروانة
الكوفية:

في الثامن والعشرين من نيسان/ابريل عام2004، نشرت شبكة تلفزيون CBS الأمريكية صوراً لجنود أمريكيين وهم يتلذذون بتعذيب أسرى عراقيين ويستمتعون بآلامهم وهم في أوضاع فاضحة وصادمة داخل سجن "أبو غريب" غرب العاصمة العراقية بغداد، ويلتقطون بجانبهم الصور التذكارية والأسرى بهذه الحالة الشاذة، ويلوحون بإشارات "النصر" وكأنهم يمارسون عملاً بطولياً استثنائيا. تلك الصور التي ما زالت عالقة في أذهاننا وذكرياتها ألم يوجعنا. وكلما حلت الذكرى، ازددنا ألما ووجعاً.

وتعقيباً على ذلك نشرت لي "الصحف والمواقع الالكترونية" في ذات الفترة مقالة بعنوان: الاحتلال واحد في العراق وفلسطين، قلت فيها

"أنه لحسن حظ الأسرى العراقيين أن صور تعذيبهم قد تسربت إلى خارج السجن، فأحدثت الضجة واستشاط العالم غضباً، وعبّرت المؤسسات الحقوقية والإنسانية، بأشد العبارات عن شجبها واستنكارها وإدانتها لما حدث. ولولا تلك الصور، لما سمعنا من يُدين ويستنكر. أما أسرانا في سجون الاحتلال الإسرائيلي  فلم نجد من يلتقط صوراً لهم وهم في أوضاع مشابهة، أو في أقبية التحقيق والموت يلاحقهم، فينشرها، أملا بأن تُحدث ذات المفعول وتدفع المؤسسات الدولية لاتخاذ مواقف جادة وخطوات عملية لوقف التعذيب، القاسي والمميت، المشرّع قانونا في غرف التحقيق وأروقة السجون الإسرائيلية.

ان ما رأيناه من صور لأسرى عراقيين وهم يُعذبون من قبل جنود أمريكيين في "سجن أبو غريب"، حدث مثلها، بل وأبشع منها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقد يُخيل للبعض أن وصفنا هذا مبالغ فيه، وربما كان سبب ذلك غياب الصورة واقتصار دلائل الإثبات على الروايات والشهادات، التي تقدمها الضحايا، في ظل إصرار دولة الاحتلال على أن تُبقي أبواب سجونها مغلقة أمام وسائل الاعلام والمنظمات الدولية وممثلي مؤسسات حقوق الإنسان".

لقد عشت تجارب مريرة، واستمعت لشهادات أليمة روت بشاعة التعذيب، وقرأت تجارب لا يمكن تصورها أو مجرد تخيل حدوثها، تلك التي وثقتها ألسن النساء والفتيات والأطفال والشيوخ والجرحى والمصابين الذين مرّوا على السجون الإسرائيلية، وامتلكوا جرأة الحديث عما تعرضوا له، فانفجروا في البكاء وهم يصفون ما تعرضوا له خلال فترات اعتقالهم، وكان حديثهم يفيض بالألم والمرارة عن حجم معاناتهم.

ولعل الصور المؤلمة التي تسربت قبل شهور قليلة للأسير الفلسطيني/ وليد حناتشة وآثار التعذيب القاسي على جسده، هي غيض من فيض، حيث أنها تُظهر جزءا بسيطاً من بشاعة ما مُورس بحقه وبحق الآلاف من قبله من الأسرى والأسيرات، فتلك الصور التي تسربت وأبشع منها ما زالت مطبوعة على أجسادنا وفي مخيلتنا، ولقد رأيناها أيضاً على أجساد غيرنا، وما زلنا نشاهدها ونسمع عن تكرار حدوثها يومياً مع آخرين كُثر في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

إن تأملاً متمعناً في ممارسات محققي جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، يجعلك توشك أن تظن بأنهم ليسوا بشراً، لأن هذا الحجم الهائل من القسوة، التي تظهر على وجوههم، وحين يستمتعون ويتضاحكون وهم يراقبون عذابات ضحاياهم ويسمعون صرخات وجعهم وألمهم، ويتباهون بذلك فيما بينهم، يجعلك تعتقد ذلك.

ان ذكريات سجن "أبو غريب" المؤلمة، والصور القاسية المُسربة من داخل السجون الإسرائيلية، تُعيد لنا ولأذهان الكثيرين من الفلسطينيين العديد من وقائع ما حدث معهم وما تعرضوا له من تعذيب خلال فترات سجنهم، ويدفعنا لأن نستحضر أسماء وسير ثلاثة وسبعين أسيرا فلسطينياً استشهدوا في أقبية التحقيق، جراء التعذيب، وعشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بما تعرضوا له من تعذيب خلال فترة اعتقالهم، ويُضاف إليهم أيضاً إصابة عدد كبير -لم يتم إحصاؤهم- من الأسرى الذين خرجوا من السجون والمعتقلات بعاهات مستديمة بسبب ما تعرضوا له من تعذيب.

ان التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي طال كل من مرّ على السجون، فما من فلسطيني، من بين قرابة مليون مواطن مَروا بتجربة الاعتقال، إلا وقد ذاق مرارة التعذيب، الجسدي أو النفسي، فلقد أضحى التعذيب نهجاً أساسياً وممارسةً مؤسسيةً و جزءاً ثابتاً من المعاملة اليومية للمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال في إطار سياسة رسمية. فلا تقل لي أني اعتقلت في سجون الاحتلال الاسرائيلي ولم أُعَذَب، أو أني عُذبت وقد فارقتني آثار التعذيب وصوره دون رجعة، فالتعذيب ألم، لا ينتهي بفعل الزمن.

ويظل "التعذيب" في سجون الاحتلال الإسرائيلي يُشكل انتهاكا خطيراً لحقوق الإنسان، وجرماً فظيعاً بحق الإنسانية، وأن استمراره  يُعتبر وصمة عار على جبين الحضارة العصرية والديمقراطية المنشودة والسلام المأمول، وان استمرار الصمت الدولي تجاه جرائم التعذيب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وغياب المسائلة والمحاسبة والعدالة الدولية شجع أركان النظام في دولة الاحتلال على التمادي في ارتكاب المزيد من جرائم التعذيب بحق هؤلاء، مما يعرض حياة الكثيرين منهم لخطر الموت أو الاصابة بالإعاقة الجسدية و النفسية أو الحسية، ثمناً لغياب "العدالة الدولية".

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق