- صافرات الإنذار تدوي في المطلة ومحيطها في إصبع الجليل
- الدفاع المدني: احتمال توقف خدماتنا بشكل كامل في مدينة غزة بسبب نفاد الوقود
- جيش الاحتلال يلقي منشورات على مدينة بيت لاهيا ويطالب النازحين والأهالي بإخلائها
يبدو أن الأزمات الداخلية "كالمطرقة الثقيلة" تهوي على رأس نتنياهو تباعاً. فبعد خروج غانتس وإيزنكوت من مجلس الحرب المصغر على خلفية عدم وجود رؤية استراتيجية لنتنياهو بإدارة الحرب على قطاع غزة، وغياب الاستراتيجية، لكيفية التعاطي مع اليوم التالي لوقف الحرب على القطاع. وبخروجهما وتشكل التحالف الثلاثي من ليبرمان ولبيد وساغر ضد نتنياهو وسياساته وإدارته للحرب على القطاع، والشعور والقناعة بان نتنياهو يطيل أمد هذه الحرب خدمة لمصالحه السياسية والشخصية، ولا تحكمها المصالح "القومية" لدولة الاحتلال، وهذا الموقف يتبناه رؤساء وزراء سابقون مثل إيهود بارك وإيهود أولمرت، ورؤساء أركان مثل دان حلوتس، ومحللون عسكريون مثل عاموس هارئيل، وعاملون في مركز أبحاث الأمن القومي عوفر شيلح، وقادة أجهزة أمنية وألوية احتياط مثل اسحق بريك وكوبي ميروم ..إلخ. مسيرات ومظاهرات أهالي الأسرى الاحتجاجية تعززت بوقوف قادة المعارضة السياسية إلى جانبهم، وأصبحوا يلتقون على مطالب سياسية تتجاوز الجانب الشخصي والأسري والعائلي بإتمام صفقة تبادل الأسرى، واستعادة أبنائهم الأسرى أحياءً، بل باتت مطالبهم رحيل نتنياهو وإسقاط حكومته وإجراء انتخابات تبكيرية سادسة.
نتنياهو يخسر على الجبهتين السياسية والشعبية الإسرائيلية، وتزداد المطالبة برحيله، ولكن الخطورة الأكثر أن الخلافات انتقلت إلى داخل بيته الحكومي، وبما يهدد شرعيته البرلمانية، ويشكل خطراً على استمرارها. بن غفير زعيم حزب "عوتسما يهوديت"، يقول إنه لن يصوت لصالح مشاريع القرارات الحكومية، ما لم يتم ضمه إلى المنتدى الأمني المصغر، وظهر ذلك جلياً فيما يعرف بقانون "تعيين الحاخامات"، حيث اضطر نتنياهو إلى سحبه من التداول، وعدم عرضه على الكنيست للتصويت عليه، لعدم وجود أغلبية لتمرير هذا القرار، وقانون "تعيين الحاخامات"، الذي قدمته حركة " شاس" الحريدية، ويدعو إلى نقل صلاحيات تعيين الحاخامات من المجالس المحلية إلى وزارة الأديان، التي يرأسها وزير من حركة " شاس"، وهذا يمكّن تلك الحركة من الانتفاع من الأموال المخصصة لتلك المجالس، من أجل توظيف أعضائها وأنصارها، والاستفادة من تلك الأموال لصالح معاهدها، ومدارسها، ومؤسساتها الدينية، والفشل في تمرير هذا القرار، جعل زعيم حركة "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف، يقول لنتنياهو " أنت لا تسيطر على شيء".
تعمق الخلافات بين "شاس" وبن غفير فاقم من الخلافات بين أطراف التحالف الحكومي، ولم تعد الأمور تقتصر على إمساك بن غفير وسموترتش بـ"عنق" القرار السياسي لنتنياهو، والتهديد المستمر له بإسقاط الحكومة إذا ما ذهب إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وتوقيع صفقة تبادل الأسرى، وبما لا يحقق ما يسمونه بالأهداف الاستراتيجية المتطرفة لهذه المعركة، بل الخلافات تستعر بين بن غفير والأحزاب اليهودية الحريدية، وكذلك تلك الأحزاب، لم تعد تجد خيار تحالفها مع نتنياهو بالتحالف المقدس، بل باتت تبحث عن بدائل، قد تكون مع غانتس والكتلة اليمينية قيد التشكل.
قضية تجنيد اليهود الحرديم التي جاءت لكي تعمق من أزمة حكومة نتنياهو، وتدفع بها نحو الانهيار، فبعد موافقة قضاة محكمة "العدل" العليا الإسرائيلية بأنه يجب تطبيق التجنيد الاجباري على طلاب المعاهد والمدارس الدينية، وهذا القرار دفع بالخلافات بين أقطاب حكومة نتنياهو نحو درجة أعلى، حيث حاخامات اليهود الحريديم، أعادوا التأكيد على رفضهم قرار التجنيد، ورددوا عباراتهم "نموت ولا نتجند"، وتوراتنا مهنتنا"، وقاموا بمظاهرة واسعة في مدينة القدس، حشدوا لها أكثر من 25 الفاً من انصارهم، وهاجموا قوات شرطة الاحتلال بالبيض والحجارة، وأغلقوا الطرقات، وجرى قمعهم بشكل عنيف من قبل الشرطة. ومن بعد ذلك تطورت الأمور، وبسبب النقص في الجانب البشري لجيش الإحتلال، وطرح تمديد فترة الخدمة لجنود الاحتياط من 24 شهراً إلى 32 شهراً. وزير حرب الاحتلال غالانت قال أنه يجب أن يتم تجنيد 3 آلاف من اليهود الحرديم، النصف منهم من سن 18 -21 عاماً، وهذه القضية دفعت حاخامات اليهود الحرديم إلى رفض هذا القرار، ودعوا أنصارهم إلى عدم الامتثال لأوامر التجنيد، وعدم الذهاب إلى مكاتب التجنيد، بل وأبعد من ذلك الحاخام الليتواني دوف لاندو، كبير حاخامات "الحرديم" يقول: الدولة التي تجند المدارس الدينية، ليس لها حق بالوجود".
ولذلك يرى نتنياهو أن من يعمل على تفجير الحكومة من داخلها، هو وزير الحرب يؤاف غالانت، ولذلك أطلق العنان لحاشيته من وزراء وأعضاء كنيست لشن حملة عليه، وعلى رئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي، فوزير الاتصالات شلومو كرعي هاجم غالانت واتهمه بالفشل، وبأن عليه الرحيل، وقبل ذلك ميري ريغيف وزيرة المواصلات وبن غفير وسموترتش وأوريت ستروك وغيرهم، ولذلك بات نتنياهو على قناعة بأن غالانت، يعمل على تخريب علاقات الليكود مع الأحزاب الدينية على خلفية موقفه من قانون تجنيد اليهود الحرديم، وكذلك الموقف من صفقة التبادل، وتعديل التشريعات القضائية، ولذلك الحملة التي تشن على غالانت هدفها دفعه لكي يخرج طواعية من الحكومة، أو تتم إقالته. ويرى نتنياهو أن الوقت المناسب لإقالة غالانت سيكون بعد القائه خطابه أمام الكونغرس الأمريكي في الرابع والعشرين من هذا الشهر، ودخول الكنيست في العطلة الشتوية، فهذه الإقالة سيكون لها صخب سياسي أقل، لو تمت إقالته في فترة عدم دخول الكنيست في عطلتها الشتوية.
الخلافات تكبر وتتصاعد داخل تحالف نتنياهو، والحرب عليه تستعر والضغوطات تتزايد داخلياً، من قبل أهالي الأسرى الذين يهددون بجر الدولة ومعهم المعارضة السياسية، واتحاد النقابات العمالية "الهستدروت" إلى حالة من العصيان المدني.
المنطقة كاملة تحت التصعيد وعلى كل الجبهات، رغم كل الصخب والحديث عن مفاوضات مكثفة لإنجاز صفقة تبادل في القاهرة والدوحة، ومشاركة مباشرة من قبل قيادات أمريكية مثل مدير المخابرات المركزية الأمريكية "السي أي إيه" وليم بيرنز، وبريت ماكفورك كبير مستشاري الإدارة الأمريكية. نتيناهو لا يريد لا وقف الحرب، ولا إتمام صفقة التبادل، ويواصل وضع العصي في الدواليب، والمماطلة والتسويف، تارة بالاعتراض على أسماء وأحكام من سيفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين، وأخرى برفض الانسحاب من محور "نتساريم"، ومحور فلادلفيا، ومعبر رفح والتفتيش الشخصي للعائدين إلى شمال قطاع غزة.
جبهات الشمال تتسع وحزب الله يمسك بزمام المبادرة ويقول أن خفض التصعيد في قطاع غزة لا يعني خفضه على الجبهة الشمالية، وجبهة الجولان تتصاعد فيها المعارك، ويبدو أنها ستفتح، وأمريكا ترفض انسحاباً كاملاً لجيشها من العراق، وتريد أن تبقي جزءاً منه لحماية قواتها وقواعدها في شمال غربي سوريا التي تنهب النفط والغاز السوري، وجبهة البحر الأحمر تهديد يمني للسعودية بمهاجمتها عسكرياً اذا ما قدمت تسهيلات لأمريكا في عدوانها على اليمن، وعلى الجبهة الإيرانية، الإدارة الأمريكية تقول أنها غير معنية بالعودة للتفاوض مع إيران حول ملفها النووي، بعد الدعوة التي وجهها لها الرئيس الإيراني الجديد الإصلاحي بزشكيان.
وحكومة نتنياهو تدخل أزمات عميقة في قادم الأيام وستكشف إن كانت ستصمد أم تنهار.
..........
الخلافات تكبر وتتصاعد داخل تحالف نتنياهو، والحرب عليه تستعر والضغوطات تتزايد داخلياً، من قبل أهالي الأسرى الذين يهددون بجر الدولة ومعهم المعارضة السياسية، واتحاد النقابات العمالية "الهستدروت" إلى حالة من العصيان المدني.