- حزب الله: قصفنا بدفعة صاروخية مدينة نهاريا
- طائرات الاحتلال الحربية تستهدف منزلاً في محيط بركة الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة
- طيران الاحتلال يشن غارتين على الضاحية الجنوبية في بيروت
أمريكا لم تبادر بالحرب على غزة، غير أن أقمارها الصناعية التي ترصد كل سكنة وحركة على سطح الكرة الأرضية لابد وأن تكون عرفت بما حدث حتى قبل الضباط الإسرائيليين الذين كانوا يغطون في نوم عميق بعد "سكرة كيبور".
الحسابات الأمريكية التي تتم بمقاييسها الخاصة، تفهمت العصبية الإسرائيلية التي ميزت رد الفعل على ما حدث، والتي تجاوزت حدود العملية العسكرية الواسعة إلى حرب اتخذت سمة التدمير الشامل والإبادة المنهجية.
أمريكا تعرف قدرات إسرائيل أكثر مما يعرفها سياسيوها، لذلك حشدت أساطيلها في المتوسط وفتحت مخازن ذخائرها التقليدية والذكية على مصاريعها، وأرسلت خبرائها وسياسييها ومعلوماتها على عجل، إذ من غير المسموح أن تهزم "فلوريدا الشرق الأوسط" وأن لا تنتصر ولو نسبياً في حرب يحتمل أن تشمل عدة جبهات في وقت واحد وهذا ما لا تريده أمريكا.
بدت إسرائيل في رد فعلها متهورة أكثر مما يمكن أن تهضم أمريكيا أو أن يدافع عنها فالتزمت الدولة العظمى بمعادلة ظلت تعمل من اليوم الأول للحرب وستظل إلى اليوم الأخير.
معادلة تقول نحن مع إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ومع أهداف حربها، إلا أن لدينا بعض اعتراضات فنية على وسائلها.
قبل العالم وإن على مضض، المنطق الأمريكي ليس اقتناعا بصدقيته أو عدالته بل تمشياً مع المقولة الدارجة منذ زمن بأن لا أحد في الكون يمتلك قدرة في الضغط على إسرائيل سواها، ووفق هذا الاعتبار قبل العالم فكرة أن تكون أمريكا طرفاً مباشراً ومقاتلاً ووسيطاً في ذات الوقت، وقَبِل كذلك فكرة أن خلافاً فنياً نشأ بين الإدارة والحكومة الإسرائيلية مع تفهم لحقيقة أن تكاليف الحرب بجملتها وتفصيلها مدفوعة من الجيب الأمريكي دون قيد أو شرط.
صنّاع القرار الحربي في إسرائيل وكلهم تحت القيادة الرسمية لبنيامين نتنياهو، كانت عيونهم وستظل مثبتة على الموقف الأمريكي فالمعلم الاستراتيجي هو الجالس في البيت الأبيض والبنتاغون، وهذا ما ينبغي أن يلعب الجنرالات معه.
بتوقيت سياسي يعلن وزير الحرب بين وقت وآخر موقفاً يخالف رئيسه الحزبي والحكومي. وبتوقيت سياسي يستقيل الجنرالات استباقاً للتحقيق معهم بتهمة التقصير، وبتوقيت سياسي يغادر غانتس وآيزنكوت الحكومة، ساحبين معهما الغطاء الداخلي الثمين الذي تدثر به نتنياهو طيلة شهور الحرب... وفي إسرائيل فإن مصطلح التوقيت السياسي يعني ضبط الساعة على عقارب واشنطن.
ربما لم تفاجئ أمريكا بما حدث في السابع من أكتوبر إذا ما نظر صناع القرار فيها إلى صور الأقمار الصناعية المنتشرة على سطح الكرة الأرضية، على الأقل شاهدوا ما حدث بعد دقائق من حدوثه، أو على أقل الأقل قبل أن يعرف جنرالات إسرائيل الذين كانوا يغطون في نوم عميق بعد "سكرة كيبور" وقبل أن يستفيق عدد منهم فإذا بهم في قبضة حماس ليمضوا شهوراً طويلة في نفق "خمس نجوم" وفي ضيافة يحيى السنوار، حين ظنوا أنهم خدروه ببعض التسهيلات التي منحت ليس رأفة به وبأهله وإنما كي يحتفلوا براحة واطمئنان بيوم كيبور.
جنرالات إسرائيل يدركون أكثر من سياسييها الرسميين ماذا تعني أمريكا بالنسبة لهم ولعملهم ويدركون أنهم من دون أمريكا لا فرص لهم في قيادة معارك رابحة من تلك التي يفرضها عليهم السياسيون وأجنداتهم.
وإذا ما راجع الجنرالات الإسرائيليون معاركهم بين الأكتوبرين الرهيبين المصري والحمساوي فليس لهم في هذه الحروب سوى لحمهم الحي وباقي ما تبقى فكله أمريكي.
السيد الأمريكي صاحب الأمر والنهي على الجنرالات وخصوصاً في زمن الحرب، لا يؤذيه كثيراً أو قليلا أن يرخي الحبل للسياسيين كي يمارسوا لعبة المناكفة مع الإدارات ووزارات الخارجية وحتى البيت الأبيض، إلا أن ما لا يُمزح فيه أن تفقد السيطرة على العسكريين الذين هم الاستثمار الأمريكي الأهم في المسألة الإسرائيلية كلها، لهذا فلا غرابة في أن يضبط الجنرالات الإسرائيليون ساعاتهم على عقارب الساعة الأمريكية ولكن بأغلفة تراعي المعادلات والمكانات.