- غارات إسرائيلية على بلدة حانين في القطاع الأوسط لجنوب لبنان
- ارتفاع عدد الشهداء إلى 8 بينهم أطفال جراء قصف طائرات الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة
ألا يبدو مستغرباً الغضب على الفيتو الأميركي الأخير في مجلس الأمن وكأن هناك من كان يتخيل أن واشنطن ستقوم بدعم طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة!
أليس كل هذا النقاش في غير محله لأنه يتأسس على غضب غير مبرر!
فواشنطن لم تقم إلا بما كانت تقوم به منذ تكوين التنظيم الدولي ووجود هيئاته المختلفة.
هل سبق لها أن فعلت غير ذلك؟ بالطبع لا لأنه في اللحظة التي تخالف فيها مواقفها التقليدية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني لا تعود أميركا إنما تصبح شيئاً آخر، وقتها ربما لن يكون هناك احتلال أصلاً.
إن من يستغرب ويستنكر يريد لنا أن نصدق أن واشنطن كان يمكن لها ألا تكون واشنطن.
لم تتوقف واشنطن عن الاعتداء على حقوقنا الوطنية مثلما تفعل إسرائيل تماماً، ولم تتوقف عند تجنيد مصادرها المالية وثقلها السياسي والضغط والابتزاز اللذين تحترفهما لمنع إنجاز أي من الحقوق الفلسطينية بل عاقبت بعض الدول لأنها دعمت فلسطين وساندتها.
واشنطن منذ فجر المشروع الكولونيالي نذرت نفسها لمساندة هذا المشروع ولحرمان شعبنا من تحقيق مطالبه.
موّلت ومدت بالسلاح وسخرت دبلوماسيتها وابتزت وحرمت من المساعدات ووهبت مساعدات أخرى، فعلت كل شيء من شأنه أن يقف في طريق تجسيد الحقوق الوطنية الفلسطينية.
لا داعي للقول إنه فقط الأعداء الذين يقومون بذلك. نعم الأعداء الذي ينذرون كل ما يملكون من أجل محاربة حقوق أعدائهم.
ثمة حقيقة يجب أن يتم صوغها بطريقة أكثر وضوحاً تقول إن واشنطن عدو للشعب الفلسطيني.
هذه حقيقة يعرفها كل فلسطيني فواشنطن العاصمة الأكثر تطرفاً ضد مصالح الشعب الفلسطيني وهي بذلك ليست سنداً لدولة الاحتلال بل هي مشاركة بكل الجرائم التي يتم ارتكابها بحق شعبنا.
القصة ليست قرار فيتو وإجهاض حلم بسيط للشعب الفلسطيني بل أعمق بكثير.
هل هناك من يريد أن ينسى أن نصف السلاح الذي تستخدمه إسرائيل ضد شعبنا وتقتل به عشرات الآلاف من الأبرياء هو سلاح أميركي الصنع أو أنه نتيجة تمويل ودعم أميركيين. وهي الدولة الوحيدة التي تضع منظمة التحرير على قائمة الحظر رغم لقاءات مسؤوليها مع قيادة منظمة التحرير وربما المكان الوحيد في العالم الذي لا يستطيع الفلسطينيون فتح مكتب تمثيلي لهم هو واشنطن.
كما يجب أن نتذكر أن واشنطن لم تفوت فرصة في التاريخ لم تستخدم فيها حق النقض لإجهاض أي مشروع قرار لصالح فلسطين أو على الأقل يحد من بربرية دولة الاحتلال ضد شعبنا الأعزل، حتى حين تعلق الأمر بالمساعدات وإدخالها فإن واشنطن عز عليها أن تنتصر للقيم والأخلاق والمثل المكتوبة حتى في دستور فيلادلفيا الذي أقيم وفق الاتحاد الأميركي وأصرت على ربط دخول المساعدات بتحقيق المطالب الإسرائيلية. أي عداء هذا للشعب الفلسطيني، عداء لا يمكن لنا أن نتعامل على أنه غير موجود.
هذا يتطلب تغير الاستراتيجية الفلسطينية في التعامل مع هذا العدو. أميركا ليست صديقاً كما أن الاحتلال ليس جاراً.
هذا عدو وهذا عدو، وعليه فإن هذه الاستراتيحية يجب أن ترتكز على مقاطعة البيت الأبيض وعلى رفع دعاوى على واشنطن كما يتم رفع دعاوى على تل أبيب.
العدو عدو لا يمكن أن يكون شيئاً آخر. وحتى بعد خمسين عاماً ستقوم واشنطن باستخدام حق النقد ضد مطالبنا الوطنية لا سمح الله إن بقي الزمن الأميركي الذي يستشرف الكثيرون زواله، لكن حتى لو حدث هذا أو لم يحدث علينا أن نتعامل مع واشنطن وفق رؤية مختلفة من أجل أن ننحاز بشكل كامل لمصالحنا.
ما الذي يمكن أن تضرنا به واشنطن أكثر من ذلك؟ ما الذي يمكن للمجرم أن يقوم به أكثر من قتلك.
ما تفعله واشنطن هو بكلمات بسيطة تقتل أحلامنا الوطنية، ما نفع العلاقة معها عندئد. على البيت الأبيض أن يثبت عكس ذلك وليس العكس. إن أقوى قوة في العالم لن تستطيع التدخل في ملف الشرق الأوسط دون علاقة معنا.
لا دور لأميركا في الصراع لأن أميركا غير نزيهة وغير مؤتمنة والأهم لأنها تنصّب نفسها عدواً للشعب الفلسطيني وتصر على أن تكون شريكة لدولة الاحتلال في جرائمها.
قلنا على هذه الصفحة قبل ذلك بعام ربما إن العالم يستحق أفضل من أميركا لقيادته.
نعم العالم لم يعد بحاجة للشرطي الأميركي غير الأخلاقي للتحكم فيه، على العكس من ذلك فالعالم بحاجة لقيادة نزيهة تعمل وفق روح القوانين والتشريعات الدولية.
أميركا غير مؤتمنة على العالم وأخلاقها غير أخلاق العالم وسياستها لا تمت لأي منظمة أخلاقية بشرية نعرفها.
ففي كل مكان في العالم هناك سياسة تخريبية أميركية تدمر مصالح الشعوب الفقيرة وتساند الطغاة وتمنع الحكومات من الازدهار.
أميركا لا تعرف إلا أميركا حتى لو داست على العالم. من تفكيك دولة كاملة في أميركا اللاتينية وحصار كوبا منذ أكثر من نصف قرن إلى تدمير أفغانستان وبعد ذلك العراق وسورية وليبيا.
تدخلات تسيء وتقتل وتدمر. فعلاً العالم يستحق أفضل من هذه الدولة فوق القانون لتحكمه لأن من يعتقد ويتصرف على أنه فوق القانون لا يمكن له أن ينفذ القانون والقانون لن يكون على البعض ومحرماً على البعض الآخر.
وعليه فإن التنظيم الدولي الذي يجعل للفيتو الأميركي الحق في قتل أحلام شعب في أن يكون له دولة يجب أن ينتهي، وعلى الدول الأكثر أخلاقية أن تبحث عن طريقة جديدة لتشكيل العلاقات بين الدول، فإذا هذا كان عالم أميركا فلا نريده ونريد عالماً آخر يتم نظم العلاقات فيه وفق قيم ومؤسسات مختلفة.