- رويترز: وفد أمني مصري يتوجه غدا إلى إسرائيل في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
"اسرائيل المنعزلة"، بهذه العبارة افتتحت صحيفة الايكونوميست اللندنية عنوانها حول الشرق الأوسط. حيث تشير المعطيات الدولية بأن إسرائيل فقدت مؤخراً مصداقيتها الدولية وثقة حلفائها بها، وذلك لعدة عوامل أهمها:
أولاً: إصرار حكومة نتنياهو على استمرار العدوان على قطاع غزة والتهديد باجتياح رفح، بما يعرض أمن المنطقة كلها للخطر، بالرغم من أن البدائل السياسية قد تكون أكثر نجاعة في تجنب هذه المخاطر، وهذا تماماً ما تحدث به وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أثناء زيارته الحالية للمنطقة.
ثانياً: إصرار حكومة نتنياهو على تبرير استمرار عدوانها بحق الدفاع الشرعي عن النفس، بالرغم من أن ما تقوم به اسرائيل في القطاع يتجاوز كثيراً حق الدفاع عن النفس ويدخل في سياق الانتقام، وهو فعل مجرم بالقانون الدولي، وقد نوه علانية مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الى أن ما تقوم به إسرائيل هو فعل انتقامي ليس إلا.
ثالثاً: تعمدت حكومة نتنياهو الى عدم الحديث عن اليوم التالي للعدوان بما لا يقدم أي تصور سياسي واضح لهذه الحرب، وبالنظر الى ما تقدم به نتنياهو من تصور لليوم التالي للعدوان، فإنه لم يقدمه حتى لحكومة الحرب الاسرائيلية، كما أنه قد ووجه ببرود شديد من قبل الادارة الامريكية لأنه بإختصار يعيد إنتاج احتلال قطاع غزة ويقصي دور منظمة التحرير وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المعترف به دولياً.
رابعاً: الاعلان الصريح لنتياهو بأنه لا يريد حل الدولتين، بل إنه تباهى بأنه أفشل اتفاق أوسلو وأسقط حل الدولتين، وهذا ما أغضب الأمريكيين والأوروبيين لانه يتعارض مع السياسة الدولية والعربية في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم عل حل الدولتين.
خامساً: إستمرار مسلسل الابادة الجماعية للشعب الفلسطييني في قطاع غزة سواء بقتل المدنيين أو تشريدهم أو تجويعهم، وهو الأمر الذي يهدد بشبح مجاعة حقيقية لأكثر من مليون فلسطيني يقطن في شمال القطاع، وهذه المجاعة إن حدثت ستقتل الآلاف وستهدد منظومة القيم الدولية في الوقت الذي لا تبالي به إسرائيل بهذا الأمر وتستمر في منع وصول المساعدات الانسانية لسكان القطاع.
إن هذه العوامل السابقة، أدت الى اتساع الفجوة بين حكومة نتنياهو اليمينية وحكومات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاروربي، وبدأ العالم أجمع يشهد على تصاعد حدة الخلافات بين اسرائيل وحلفائها الغربيين. فمن جهة أولى، قطعت كندا واليابان والعديد من الدول الأوروبية إمدادات السلاح لاسرائيل، كما أشارت وكالة رويترز الى أن اسرائيل مؤخراً تعهدت خطياً بعدم إستخدام السلاح الأمريكي بشكل يخالف القانون الدولي. ومن جهة ثانية، تصاعدت حملات المقاطعة الشعبية لإسرائيل في معظم دول العالم، حيث تشهد مختلف العواصم مسيرات إحتجاح أسبوعية تطالب بوقف الابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني. ليس هذا فقط، وانما ينتظر أن تقدم الولايات المتحدة اليوم ولأول مرة مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو الى وقف فوري ودائم لوقف إطلاق النار مقابل تبادل الأسرى، ويتضمن مشرع القرار حسب التسريبات الدخول في المسار السياسي لليوم التالي بعد الحرب مع الاعتراف العاجل بالدولة الفلسطينية.
من الواضح، إن كل هذه المؤشرات تدل على أن إسرائيل تسير في مسار العزلة الدولية، إنها باختصار دولة مارقة تقوم بتهديد المصالح الغربية بدلاً من أن تقوم بالحفاظ عليها كما خطط عند إنشائها. إنها دولة فقدت مصداقيتها الدولية وتبجحت في انتهاكها للقانون الدولي. ومن ثم بدأت هذه الدولة تنزلق في مستنقع العزلة وربما يقودها هذا الانزلاق الى نهاية مرحلة الصهيونية الحديثة على حد تعبير المفكر المنشق عن الصهيونية ايلان بابيه.