في مقال أو ورقة مطولة حول الدعوى القضائية المقدمة لمحكمة العدل الدولية، من قبل جمهورية جنوب إفريقيا، وضد العدوان الاسرائيلي الكارثي على قطاع غزة الإباء، أسهبتُ الكتابة في الموضوع، وهنا أقصره على سبب فرادة وتميز جنوب إفريقيا بدعمها لفلسطين وما أحدثه ذلك، ضمن نقاط منقحة، مع الإضافات.
- إن رفع الدعوى الحقوقية هذه تؤكد أولوية وأهمية وعِظَم الروابط القوية وطويلة الأمد بين كفاح ونضال التحرير الوطني الذي خاضه السود في جنوب أفريقيا، ونضال الشعب الفلسطيني منذ انطلاقة المقاومة الحديثة أو الثورة الفلسطينية عام 1965م.
- وأيضًا تُعلي من شأن ومعنى الالتزام والوفاء للعلاقة الحميمة بين الراحل مانديلا والخالد ياسر عرفات اللذان بنيا جسرًا لم يتوقف للعلاقات النضالية المميزة بين الشعبين وبالعالم.
- تشير الدعوى إلى رغبة البلاد في تحدي النظام الدولي الجائر والظالم الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بعجرفتها وتكبرها، كما تحداهُ الفلسطينيون لأكثر من مرة.
- من الواضح أن جنوب إفريقيا تسمو بالمبادئ، وتقدر عاليًا قيمة الأخلاق الدافعة، وقيمة التجربة المماثلة حيث الاكتواء بنار العنصرية الغربية الاستعمارية البغيضة والأبارتهايد"، ويظهر عميق المعاناة الانسانية، وتؤمن بقوة بضرورة العقاب للجرائم.
- كانت "إسرائيل" من أبرز الدول الداعمة لنظام جنوب إفريقيا العنصري البائد، فدعمته بالمال والسلاح للقضاء على الأفارقة، وتثبيت النظام العنصري الذي أقِرّ بها، للمصادفة مع النكبة في فلسطين عام 1948م.
- شعبُ جنوب إفريقيا يَعرِف معنى العاطفة "الفاعلة"، ومعنى الاحساس "الفعّال والإيجابي" الذي يسرى في أوصال البشر الأسوياء حين يصل عدد ضحايا المقتلة والكارثة والإبادة الجماعية للأبرياء في غزة الإباء ما يقارب 100 ألف من المدنيين وأمام أنظار كل العالم في بيوتهم.
- الشعوب المناضلة كما حال جنوب إفريقيا ممّن يمتلكون من الإيمان ما يدفع للعمل والعطاء يشحذون الإرادة ويتحدّون الصعاب ويُقدمون على خطوة أو خطوات رسالية نضالية ذات ديمومة، وليس كما يفعل المتشنجون المتهيّجون السلبيون المستسلمون للأرقام، والغيبيات دون أدنى فعل.
- لننظر كيف تكون حقيقة عمق الاحساس العالي بالظُلم المشترك ومقاومة الاحتلال وضد الاستبداد، ولننظر بما فعلوه الى أهمية التضامن الأممي "الفاعل" الساعي نحو السلام والحرية وحق تقرير المصير لكافة الشعوب.
- جنوب إفريقيا بفعلتها النضالية هذه أسقطت جدار العقيدة أو الجنس أو اللون أو اللغة، كما كشفت الوجوه الكالحة كلها –وما أكثرها اليوم-التي تدعي دعم فلسطين لفظيًا، وحين يحين وقت العمل تتمنع أو تتجاهل أو تغلق أعينها، أو تظل تصرخ بالدعم الاستعراضي الفضائي، وبالمقابل تحتفي بالإسرائيلي، وحين العمل أو الدعم الفاعل فلا قطران يلقى الا على وجوهنا.
- جنوب إفريقيا قرعت جرس الحق والعدل والإنسانية وأثارت بفعلتها الحميّة في أكثر من 50 دولة مرتبكة أو خائفة أولاهية فتحدّت وانتصرت لنفسها وللعدالة فأيدت جنوب إفريقيا.
- جنوب إفريقيا أسقطت "الأبارتهايد" بكافة أشكال النضال، وتُسقط اليوم بالقانون والسياسة والدبلوماسية تميز "مظلومية" الصهيوني أو الإسرائيلي الذي اخترع مصطلحات "مقدسة" ومحمية عالميًا خاصة به، كما تُسقط جُدُر ومفاهيم كانت مستقرة لدينا عن الثورة كرأس الرمح للأمة العربية.
- جنوب إفريقيا تنتصر للإنسانية والعدالة ولدماء النساء والرجال والأطفال الأبرياء، كما تنتصر للقانون وتضامن الشعوب، وتقاوم بعملها الحقيقي ضد العدوان وتفضح الإرهاب والعنصرية وآلة القتل "الفريدة والمميزة"، وتكرس الوفاء حقلًا مثمرًا، وتبعث الأمل أمام الفلسطينيين تحت نار العدوان في قطاع غزة أساسًا، ولكل الفلسطينيين بالعالم، ولكل الأحرار بالعالم، وتقدم نموذجًا سيخلده الزمان ولن تنساه فلسطين.