- 7 شهداء جراء قصف الاحتلال منزلا لعائلة كحيل في شارع الشهداء بحي الرمال غرب مدينة غزة
منظمة الجهاد الإسلامي.. وبعد أن تسيّدت حالة القتال في غزة وجنين، أضحت عنوانا لحالة ما بعد انهيار أوسلو، وأثارت تساؤلات حول خيارات جيل فلسطيني يجنح نحو المقاومة المسلحة بالذات.
هل الجهاد الإسلامي مشروع مقاومة مسلحة شعبية شاملة أم أنه مشروع نمر أفلت من القفص، وستجري عمليات جدية لإعادته إليه؟
حالة الجهاد الإسلامي في غزة أكدت من خلال خوضها لعدة معارك منفردة مع إسرائيل، تشير إلى أنها عصية على الترويض، وقرارها أن تقاتل في كل الأوضاع والظروف، فهي ليست معنية بسلطة في غزة ولا في الضفة، وكلمة سر بقائها ونفوذها، "رجال وبنادق ومناخ، ولقد ناسبها كثيرا أنها أضحت حاضنة لكل راغب بالقتال دون التدقيق بخلفيته التنظيمية أو الفكرية أو السياسية.
منظمة الجهاد الإسلامي كتشكيل قتالي يعرف جيداً مقومات وجودها وفاعليتها واستمراريتها.
فهي لا تخفي صلة تكاد تكون عضوية بل ومصيرية مع إيران وحزب الله وهذا ما يوفر لها دعما ماليا وتسليحيا لا يمكن أن يتوفر من أي جهة أخرى.
وما هو أهم وأفعل من دعم إيران وحزب الله، هو المناخ السائد في فلسطين حيث انقلاب نهج التسوية من حالة كانت مبررة ولو بالوعد، إلى حالة نقيضة تماما ما عمّق الشعور الفلسطيني بالإحباط من خيار التسوية حيث اتسعت مساحات الاستيطان العشوائي والمنظم، وارتفعت غزارة الدم النازف من أجساد الفلسطينيين، وعادت إلى الظهور وقائع حرق قرى وأحياء، واقتلاع أشجار هي مصدر حياة مجتمع الفلاحين الفلسطينيين، وحصارات من كل نوع حولت حياة الناس إلى جحيم، ليس في جنين وغزة وإنما في كل الوطن.
التصعيد في فلسطين يرفع منسوبه أو يخفضه، ليست القوى السياسية وأجنداتها وإنما الشعور الجمعي بالقهر والعجز وغياب أبسط مقومات الحياة الآدمية، من حرية حركة، وانعدام الشعور بالكرامة، وبعض أمان، لا يحسه حتى الأطفال الذين إن لم يُقتلوا فيخشون القتل، واسألوا عيادات الطب النفسي كم بلغت مراجعات ذوي الأطفال جراء الرعب.
هذا المناخ.. هو المستنبت الخصب، أو الهشيم الذي يشعله عود ثقاب، وقبل معارك جنين الأخيرة، وقبلها سلسلة الحروب على غزة. أنتج المناخ السائد ولادة ما أسمته إسرائيل بالذئاب المنفردة، حيث الشاب وهو في مقتبل العمر ليس معنيا لأي فصيل ينتسب، ومن أي جهة يتلقى دروس الوطنية، فهو يتبع من يضع في يده، مسدسا أو بندقية أو عبوة ناسفة، وهذا إن لم توفره دول.. فيوفره تجار السلاح والذخيرة المسروقة من مستودعات "جيش الدفاع"، ذلك باعتراف قادة المؤسسة العسكرية "الأفضل في العالم".!!!
الجهاد الإسلامي كتشكيل لا ينكر ولاءه للمرشد أو للسيد، وفي حال دخول التشكيلات الأكبر منه، حالة حسابات حول الحفاظ على النفوذ والسلطة كأولوية، لا بد وأن يجد الأبواب مشرعة أمامه، ذلك أن الذين يملأ القهر قلوبهم يرون فيمن يقارع احتلالهم ومستوطني بلادهم، نافذة تُفتح في جدار اليأس والعجز المحيط بهم والمستبد بحياتهم..
حين كانت الأبواب مفتوحة على احتمالات واعدة بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة، كان الجهاد الإسلامي يوصف بالمنظمة الصغيرة، وحين أغلقت الأبواب وانفتحت على رياح الخطر، صار الجهاد عنوانا للحالة النقيضة، وأكثر من ذلك صار قاطرة تجر مركبات أكبر منها وكل ذلك يتوقف ضمورا أو اتساعا على المناخ أكثر مما ينسب إلى فصائل ودول.
صحيفة الحدث