تشهد الأراضي الفلسطينية منذ عدة أشهر تصعيدا غير مسبوق من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدم كل قواته الخاصة من وحدات المستعربين في مناطق الضفة الغربية، والتي تقوم بتنفيذ عمليات اغتيال ضد الشباب الفلسطيني، من خلال التسلل ليلا بزي عربي، ولكن تفاجأ الاحتلال قبل عدة أيام بأن مخيم جنين تجهز لاستقبال هذه القوة الخاصة من خلال كمين من العبوات الناسفة والاشتباك المباشر، هذا الحدث رغم ارتقاء ستة شهداء من شعبنا في مخيم جنين أحدث صدمة في جيش الاحتلال من حجم المقاومة وتطورها، بدأ الكثير من صناع القرار داخل دولة الاحتلال بالتهديد بتنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية حتى لا تتسع رقعة المقاومة، خاصة أن في اليوم التالي من جريمة جنين خرج بطلان من قرية عوريف قضاء نابلس ليثأرا لشهداء جنين داخل مستوطنة عيلي وقتلوا بكل شجاعة أربعة مستوطنين وأصابوا أربعة آخرين.
ورغم الضغط السياسي على حكومة نتنياهو لشن هجوم واسع على الضفة الغربية أوصت الجهات الأمنية بعدم الإقدام على هجوم واسع على الضفة الغربية وذلك خشية وقوع خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال، وانهيار السلطة الفلسطينية، والاكتفاء بعمليات نوعية لتصفية المقاومين الفلسطينيين، ولتحقيق هذا الهدف تم اغتيال ثلاثة مقاومين في جنين لأول مرة بطائرة مسيرة، حيث إن هذا الأسلوب من الاغتيالات يمارس في قطاع غزة من سنوات.
هذه الأحداث المتسارعة المسبب لها هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يصنع العنف والإرهاب، ويتوقع أن يجلب له هذا الأمان، ولن يجلب له إلا مزيدا من الدماء.
مشاهد المستوطنين وهم يحرقون المنازل والعربات الفلسطينية ويعتدون على القرى الفلسطينية مثل حوارة وترمسعيا وبرقين وغيرها من القرى، هذا الإجرام الذي يتم بحماية جيش الاحتلال ودعم من وزراء حكومة نتنياهو أمثال سموتريتش وبن غفير صورة واضحة لإرهاب جيش الاحتلال والمستوطنين، حكومة نتنياهو التي يقودها المتطرفون لن يستطيعوا جلب الأمن لكيانهم، وشعبنا لن يفقد الوسيلة في الدفاع عن نفسه ومقدساته، لقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ودول عربية مثل مصر والأردن دفع الاحتلال للتوقف عن التصعيد ضد شعبنا ووقف اقتحامات المدن الفلسطينية التي تقع تحت السيادة الأمنية الفلسطينية، ولم يلتزم الاحتلال بمخرجات لقائي العقبة وشرم الشيخ، واستمر في القرصنة على أموال الشعب الفلسطيني واقتحام المدن، والسعي لإضعاف السلطة الفلسطينية التي لا تزال متمسكة بشعرة معاوية المتمثلة في التنسيق الأمني، إلا أن الاحتلال لم يكترث وينفذ ما يمليه عليه غلاة المتطرفين أعضاء حكومة نتنياهو.
على الاحتلال الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة الأمريكية سلبية الدور إدراك واقع مهم بأن الشعب الفلسطيني سأم الاحتلال ولن يكسره إرهاب جيش الاحتلال ومستوطنيه، وعليهم إدراك ضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من أراضي الدولة الفلسطينية ودعم قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام بجانب دولة الاحتلال، دون ذلك سيستمر الصراع سنوات ولن يرفع الشعب الفلسطيني الراية البيضاء.
مطلوب أيضا من السلطة الفلسطينية التوقف عن انتظار تغير في موقف الاحتلال تجاهها والتوجه لترتيب البيت الفلسطيني من خلال العودة للشعب الفلسطيني لاختيار قيادته بطريقة ديموقراطية ووضع استراتيجية واحدة بمشاركة كل الفصائل بالعملية الديموقراطية لمواجهة الاحتلال، وأقلها العودة لاتفاق القاهرة مارس 2005م والذي كان من أهم مخرجاته تشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية تضع استراتيجية لتوحيد موقف فلسطيني واحد والإشراف على تجديد الشرعيات الفلسطينية ديموقراطيا.