- جيش الاحتلال: رصد إطلاق عدة صواريخ من لبنان نحو تل أبيب
- قصف جوي إسرائيلي في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة
- القناة 12 الإسرائيلية: إطلاق أكثر من 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل منذ ساعات الصباح
ترتبط إسرائيل بعلاقات متشابكة مع روسيا وأوكرانيا، تحكمها مصالح اقتصادية وأمنية، إذ تحاول إسرائيل الحفاظ على الهدوء والحذر بخيط رفيع بين هذه العلاقات، بخاصة مع روسيا التي تؤمن لها حرية الحركة في الأجواء والأراضي السورية، لكنها أيضاً لا يمكن أن تتجاهل العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية.
إسرائيل تعتبر نفسها من دول العالم الحر، وترى أنها حليف استراتيجي للغرب بزعامة الولايات المتحدة، وفي وسط هذه العلاقات وتشابك المصالح، يعيش عشرات آلاف الإسرائيليين، إلى مئات آلاف اليهود في روسيا وأوكرانيا، وكما قال وزير الخارجية يائير لبيد فإن الحفاظ على أمنهم وسلامتهم “في مقدمة اعتباراتنا”.
تبدو إسرائيل حذرة، وتتجنب استفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على رغم إدانتها الغزو الروسي لأوكرانيا وتضامنها مع الأخيرة، إذ امتنع رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، عن التنديد بروسيا في أعقاب شنها الحرب على أوكرانيا. وقال: “هذه فترة صعبة وتراجيدية، وقلبنا مع مواطني أوكرانيا الذين علقوا في وضع كهذا من دون اقتراف أي ذنب”. وأضاف، "إسرائيل تقف في هذه الأيام تحديداً كمرساة قوة واستقرار وأمن وأمل، في منطقة صعبة، تملأها التهديدات والتحديات. وأي إسرائيلي يعلم دائماً أن لديه بيتاً يعود إليه، وأن هناك من يهتم به أثناء المصيبة".
في الوقت نفسه، لم يخف إسرائيليون تضامنهم مع أوكرانيا، إذ أسهبت وسائل الإعلام العبرية ومقدمو البرامج التلفزيونية والإذاعية، في عكس حجم التضامن، انطلاقاً من معرفتهم بمعنى الحرب والخوف والرعب واستحضار صور الأوكرانيين في نفق المترو والملاجئ والصواريخ فوق رؤوسهم!
مقاربة فيها الكثير من الازدواجية في التعامل الأخلاقي، خصوصاً لجهة تجاهل أن إسرائيل هي منظومة احتلال استعماري استيطاني ومنظومة فصل عنصري، ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
عام 2014، تغيبت إسرائيل عن التصويت في الجمعية العامة لإدانة احتلال روسيا شبه جزيرة القرم، بذريعة إضراب موظفي وزارة الخارجية، على رغم الضغط الأميركي.
ينطلق الحذر الإسرائيلي من عدم رغبتها في استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية، كي لا تضطر إلى الاختيار بين الولايات المتحدة وروسيا، وهذا ما تخشاه ولا ترغب به.
والمتابع للأحداث قبل بدء الغزو الروسي، يلاحظ الدعوات الإسرائيلية للطرفين الروسي والأوكراني إلى التفاوض والاحتكام للسلم والمفاوضات، وحافظت إسرائيل على هذا الموقف حتى إعلان الرئيس الروسي الاعتراف ب دونيتسك ولوغانسك كإقليمين مستقلين عن أوكرانيا. ومع بدء العملية العسكرية الروسية لم تصمد أمام عدم قدرتها على إدانة روسيا، حتى من دون أن تطلب منها أوكرانيا، وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية.
إسرائيل تعتبر نفسها جزءاً من الغرب والعالم الحر الديموقراطي، ومن الطبيعي وفق رؤيتها لنفسها أن تكون ضمن هذا العالم المفترض، وهي مضطرة أن تسير خلف حليفتها الولايات المتحدة وحلف الناتو، مع أنها ليست عضوة فيه.
خلال السنوات الماضية منذ عام 2015، بعد تدخل روسيا العسكري في سوريا وسحقها معارضي النظام، وتمكين بشار الأسد من استعادة مناطق عدة، تعمقت العلاقات الإسرائيلية- الروسية بشكل كبير.
تربط الإسرائيليين والروس علاقات قوية بخاصة في المجال الأمني لمواجهة الوجود الإيراني وحزب الله على حدود إسرائيل الشمالية.
تم الاتفاق على ترتيبات أمنية بين الطرفين، وقدمت روسيا لإسرائيل تطمينات بعدم السماح لأي جهة باستخدام الأراضي السورية ضد تل أبيب.
عملياً، لم يقدم أحد خدمة لإسرائيل كما فعلت روسيا التي منحت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ضمانات أمنية وحرية الحركة في المجال الجوي السوري.
في اليوم الأول للغزو الروسي لأوكرانيا، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية هجمات ضد أهداف سورية وقتل عدد من الجنود السوريين، ومنذ ذلك الوقت تعتبر حدود إسرائيل هي ذاتها حدود روسية.
ووفقاً لمحلل إسرائيلي فإن إسرائيل تسير بين القطارات، وهذا ما ظهر في موقفها الرسمي، المعلن، تجاه الصراع الروسي- الأوكراني. بعد كل شيء، لن يكون الأمر مستغرباً في حال لم يحرف الرئيس بوتين الطائرات المقاتلة الروسية عن مساراتها في الأجواء السورية.
إسرائيل تسعى إلى عدم إغضاب روسيا، وتحاول أن تبقى على الحياد في هذه الحرب التي لا ترغب بأن تكون فيها مع طرف ضد آخر، وتحاول التمهّل إزاء الصراع القائم بين الولايات المتحدة وروسيا، لا سيما في ظل تطور العلاقات بين إسرائيل وروسيا في السنوات الماضية سياسياً واقتصادياً، وتبادل الخبرات العسكرية، وهذا ما يجعل إسرائيل أكثر حذراً في الاصطفاف لمصلحة طرف من طرفي الصراع.
هذا الحذر، قد لا يطول، وقد تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى اتخاذ موقف من الحرب، فالضغط الأميركي مستمر، كما أنها ترتبط وأوكرانيا بعلاقات أمنية وتكنولوجية واقتصادية، إضافة إلى أن أوكرانيا جزء من دول شرق أوروبا التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هذه الدول أكثر قرباً من إسرائيل وتعاطفاً معها، ومنها أوكرانيا وحتى روسيا، لأسباب مختلفة.
إسرائيل تدرك ماذا تريد، وذلك انطلاقاً من مصالحها وكيفية الحفاظ عليها، والحذر نابع من ذلك، وهي لن تتردد فيلعب دور الضحية ودور الذئب، وعليه سيكون موقفها نابعاً من ذلك، وقدرتها على اتخاذ موقف عدم الاصطفاف مع طرف على حساب آخر، على رغم إدانتها الغزو الروسي على أوكرانيا واعتبارها إياه انتهاكاً.
حتى إنها قد تلعب دور الوساطة في الأزمة، وذكرت وسائل إعلام عبرية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب في اتصال هاتفي مع نفتالي بينت أن يتوسط مع روسيا من أجل وقف الحرب، زيلينسكي يؤمن أن إسرائيل هي الدولة الديموقراطية الوحيدة التي لها علاقات ممتازة مع أوكرانيا ومع روسيا، تؤهلها للعب دور الوسيط.
يبدو أن إسرائيل تدرك أن هذه الحرب قد لا تحدث تغييراً جدياً في النظام العالمي، وهي لا تريد هذا التغيير، كما أنها لا تريد هذه الحرب وترغب في وقفها، حتى لا تجد نفسها مضطرة للوقوف في صف حليفتها الولايات المتحدة الأميركية ضد روسيا. فإلى متى يستمر الحياد الإسرائيلي؟