فجر فلسطيني جديد
نشر بتاريخ: 2021/02/02 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 23:38)

شعور بالتفاؤل ينتاب كل محب لفلسطين ومتابع لسير الأحداث والتطورات بها. وبالرغم من اشتداد الهجمة الاستيطانية في الضفة الغربية، وإصرار الاحتلال على المضي قدما في برامجه الاستعمارية التي تسعى إلى الاستيلاء على كل فلسطين التاريخية، ورفضه اللفظي والضمني لأية جهود من شأنها إعادة الأمور إلى المبدأ المقبول فلسطينياً وعربياً ودولياً، وهو حل الدولتين، وإنهاء الاستيطان والاعتراف بالحق الفلسطيني بالعودة.

رغم كل ذلك فإن ما يجري على الساحة الفلسطينية الداخلية اليوم إنما يدفعنا إلى التفاؤل، وأعني بذلك إنهاء الانقسام الفلسطيني وإعادة إحياء العمل الفلسطيني المشترك، وتنشيط وتفعيل المؤسسات الفلسطينية شبه المعطلة، منذ أن اندلع الصراع السياسي بين أهم طرفين في المعادلة الفلسطينية واقصد حركتي فتح وحماس، والذي أدى إلى كارثة من نتائجها المؤلمة ذلك الفصل الجغرافي والإداري بين جناحي الدولة الفلسطينية العتيدة المنتظرة وأعني بذلك الضفة الغربية وغزة.

اليوم يتفق الفلسطينيون جميعاً على إنهاء كل الآثار التي ترتبت على ذلك، حيث توج ذلك بإعلان الرئيس محمود عباس عن مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية وكذلك المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره برلمان الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.

وأعتقد أن الاجتماعات المنتظرة للفصائل كافة في القاهرة هي على درجة عالية من الأهمية... حيث نأمل أن يصدر عن هذا اللقاء قرارات من شأنها تعزيز إرادة الوحدة الفلسطينية/ المؤسسية/ والجغرافية/ والسياسية.

والأهم أن يتم الاتفاق على برنامج وطني مرحلي يحاكي متطلبات المرحلة الراهنة وسبل مواجهة المشروع الصهيوني، الذي وظف الانقسام الفلسطيني طوال السنوات الفائتة لمصلحته... حتى أصبح الانقسام ذريعة للاحتلال، لأن يتمدد ويرفض التفاوض على أساس مبدأ الدولتين، بحجة أنه لا يوجد طرف فلسطيني مؤهل للتفاوض.

"2"

اليوم هناك إدارة أميركية جديدة أكثر اعتدالاً وأقل انحيازاً، فإدارة الرئيس بايدن أعلنت بالأمس عن إعادة التواصل مع القيادة الفلسطينية، بما في ذلك فتح قنصلية أو مكتب ارتباط في القدس الشرقية، ما يعني اعترافا ضمنيا بأن القدس الشرقية هي جزء من الضفة الغربية المحتلة. إضافة إلى فتح مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن ودعم "الأونروا"، واستئناف دعم السلطة والأهم إلغاء ضمني لصفقة القرن والعودة الى مبدأ حل الدولتين.

وهي أجواء تحمل بعض الإيجابية، تتطلب من القادة الفلسطينيين أن يوظفوا كل ذلك خدمة للقضية ولمسار التسوية العادلة، وأهمية الاتفاق على برنامج مرحلي متفق عليه.. مع حق كل طرف الاحتفاظ بموقفه المبدئي من الصراع، ولنا في النموذج "الإسرائيلي" خير مثال على ذلك، فالكل يعمل معاً رغم خلافاتهم وتعدد مفاهيمهم للمعاني التي يعنيها المشروع الصهيوني وحدوده وأهدافه.

"3"

نتفاءل بما يجري، ونأمل ان نرى كل الفلسطينيين تحت يافطة برنامج واحد وبمشاركة الجميع، دونما استثناء أو إقصاء أو تجاهل لأي طرف.

فالمرحلة أكبر من أن تخضع لخلافات هامشية يمكن تأجيلها، من أجل خدمة الهدف الأسمى وهو تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة ولو بحدودها المرحلية المتفق عليها والتي تجد قبولاً ودعماً دولياً وعربياً.

وأرى أن هذه الانتخابات وباعتبارها الأولى بعد مرحلة طويلة من الانقسام، فرصة لأن يذهب الجميع وفق قائمة وطنية واحدة. تفضي إلى حكومة وحدة وطنية، بها متسع للجميع ببرنامج وطني مرحلي يواجه التحديات الراهنة. والتزام الجميع كذلك بسياسة بعيدة عن المحاور الدولية والإقليمية.. فالقضية تحتاج إلى دعم كل تلك القوى وفق مبدأ أساس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

"صحيفة الحياة"