تقرير: الحرب تثقل ميزانية "إسرائيل" وتُدخل اقتصادها في حلقة مفرغة
نشر بتاريخ: 2025/12/30 (آخر تحديث: 2025/12/30 الساعة: 15:23)

الأراضي المحتلة - حذر باحثون اقتصاديون إسرائيليون من أن الاقتصاد الإسرائيلي بات يقف عند نقطة شديدة الحساسية تهدد بتحويل تبعات الحرب على غزة إلى أزمة اقتصادية ممتدة، وأن عوامل متداخلة أهمها ارتفاع الإنفاق العسكري وتفاقم العجز المالي وتباطؤ الاستثمار والإنتاجية، تضغط على مستوى المعيشة والنمو.

ويشير تقرير "حال الأمة 2025" الصادر عن مركز "تاوب" لبحوث السياسات الاجتماعية، والذي نقلت تفاصيله صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، إلى أن غياب نمو اقتصادي كاف قد يدفع الاقتصاد الإسرائيلي إلى حلقة مفرغة، تُقيد الإنفاق المدني، وتضعف قدرتها حتى على تمويل متطلبات الأمن في المستقبل.

ويبين التقرير أن القفزة الكبيرة في الإنفاق العسكري خلال الحرب، رفعت العجز المالي ونسبة الدَين إلى الناتج المحلي، وأثقلت كلفة خدمة الدَين، وأضعفت الإنتاجية والاستهلاك الخاص.

وأظهر التقرير أنه وبعد عقد من تراجع في عبء الدين تدريجيا قبل الحرب، عادت المؤشرات إلى الاتجاه المعاكس، فبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي نحو 70% هذا العام، وهو ما يفوق مستواها قبل الحرب بـ10 نقاط مئوية، ورافق ذلك زيادة مباشرة في عبء الدين بنحو 8 مليارات شيكل (2.5 مليارات دولار) خلال عام واحد فقط.

ويقول الباحثان بنيامين بنتال ولبيب شامي إن استمرار ارتفاع موازنات الإنفاق العسكري في العقد المقبل سيضغط على الإنفاق المدني، ويُنتج "حلقة مفرغة" من ضعف النمو.

ونبه التقرير إلى أن ضعف النمو سيؤدي إلى تفاقم شح الموارد، وتقليص الاستثمار العام الضروري، وخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل إضافي، ما قد يهدد في النهاية قدرة "إسرائيل" على تمويل احتياجاتها الدفاعية.

وأوضح التقرير أنه ورغم أن الحكومة الإسرائيلية حافظت -حتى الآن- على وتيرة إنفاق مدني متماشية مع النمو السكاني، فإن ذلك لن يستمر من دون تسارع ملموس في النمو الاقتصادي.

وفيما يتعلق بالبطالة في سوق العمل الإسرائيلي، ذكر التقرير أنها تبلغ 3% فقط، ومع ذلك فإن الإنتاجية متدنية مقارنة بدول مشابهة؛ مثل النمسا والدانمارك وهولندا وفنلندا والسويد.

وأوضح أنه بين عامي 2015 و2023 تقلص الفارق في القيمة المضافة لكل عامل من 20% إلى 12%، ويعزو ذلك بشكل أساسي إلى تلاشي الفجوة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أما الفجوة في الإنتاجية لكل ساعة عمل فلا تزال واسعة، إذ تقلصت على مستوى الاقتصاد من 36% إلى 30% فقط، بينما بقيت مستقرة عند نحو 40% في القطاع الصناعي.

ويفسر التقرير ذلك -جزئيا- بأن العاملين في "إسرائيل" يعملون في المتوسط ساعات أكثر بنحو 25% سنويا مقارنة بالدول المرجعية.

وتناول التقرير قطاع التكنولوجيا الذي يعتبر محرك الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشكل نحو 60% من الصادرات، ويسهم بـ20% من الناتج المحلي و40% من النمو الاقتصادي منذ عام 2018.

لكن التقرير يحذر من أن هذا الزخم لا يعوض ضعف الإنتاجية في بقية القطاعات، ولا يعالج فجوة رأس المال لكل عامل، التي لا تزال عند نحو نصف مستواها في الدول المقارنة، ما يحدّ من قدرة الاقتصاد الكلي على رفع مستوى المعيشة.

ويربط التقرير بين تدهور مستوى المعيشة وارتفاع كلفة الحياة في "إسرائيل"، مشيرا إلى أن سلة استهلاكية قياسية كانت أعلى بنحو 13% في 2023 مقارنة بـ5 دول مرجعية.

ويسجل التقرير فجوة طويلة الأجل بنحو 29% بين مستوى الأسعار في "إسرائيل" ومتوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويعزو ذلك إلى عوامل هيكلية تشمل: ضعف المنافسة في بعض قطاعات الخدمات، وارتفاع كلفة التشغيل، وقيود الاستيراد، والتنظيمات المقيِّدة لدخول شركات جديدة، وغياب وفورات الحجم في اقتصاد صغير وبعيد جغرافيا.