الخط الأصفر.. شريط الموت الذي يعيد هندسة غزة أمنيا وديمغرافيا
نشر بتاريخ: 2025/12/25 (آخر تحديث: 2025/12/25 الساعة: 21:13)

غزة - يقسم "الخط الأصفر" قطاع غزة إلى شطرين وتم تمييزه على الأرض بواسطة كتل خرسانية صفراء تحولت إلى حزام واضح يمثل نطاق تمركز قواته ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار حيث يواجه كل من يقترب منه خطر الاستهداف المباشر.

الموقع الجغرافي

يشير “الخط الأصفر” إلى المنطقة التي تراجعت إليها قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 9 أكتوبر 2025، ويمنح الاحتلال سيطرة فعلية على نحو 58% من مساحة القطاع، عبر تصنيفها مناطق قتال خطرة خاضعة لسيطرته.

يمتدّ على طول قطاع غزة بعمق يتراوح بين كيلومترين و7 كيلومترات، ويبدأ الخط من جنوب شمال غزة، مرورا بمناطق الوسط، وصولا إلى أطراف رفح جنوبا.

وخلف هذا الخط، يتمركز جيش الاحتلال في مناطق تشمل شرق مدينة غزة بأحيائها الشجاعية والتفاح والزيتون، إضافة إلى بلدات شمالية وهي بيت حانون وبيت لاهيا، ومناطق جنوب القطاع في رفح وشرق خان يونس.

في 17 أكتوبر 2025، أصدر وزير جيش الاحتلال أمرًا بنصب علامات على طول مسار الخط الأصفر.

وبحسب بيان المتحدث باسم الجيش، تستمر وضع هذه العلامات عبر تثبيت مكعبات من الأسمنت كل 200 متر، تُثبَّت عليها أعمدة بارتفاع 3.5 أمتار.

ووفق تقارير، فإنّ بعض هذه الكتل وُضعت داخل الخط وليس على المسار نفسه، ما يوسّع فعليًا المساحة التي يسيطر عليها الاحتلال.

تلاعب بالخرائط

وفي 20 أكتوبر2025 ظهرت مشاهد بدء جيش الاحتلال وضع مكعّبات إسمنتية صفراء خارج الخط وتوسيع نطاق سيطرته، حيث أزاح الخط نحو 300 متر داخل الأحياء المدنية ما أدى إلى محاصرة عائلات لم تتمكن من الهرب.

الجهات الرسمية وثّقت أكثر من 875 خرقا للاتفاق تضمنت إطلاق النار المباشر والقصف والأحزمة النارية وتوغل للآليات العسكرية خارج الخط الأصفر ما أدى لاستشهاد 411 مواطناً، وإصابة 1112 آخرين، إضافة إلى تسجيل 45 حالة اعتقال.

وتمثل هذه الانتهاكات خرقاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني، وتقويضاً متعمداً لجوهر التهدئة، ومحاولة لإفراغ الاتفاق من مضمونه الإنساني.

شريط الموت

بعد سريان اتفاق غزة استحدث الاحتلال مساحة جغرافية للقتل خلف الأصفر مجهزة بمستشعرات حركة وكاميرات حرارية مرتبطة بالطائرات المسيرة، حيث يطبق جيش الاحتلال بروتوكول إطلاق النار الآلي ضمن منطقة عسكرية مغلقة يمنع على الفلسطينيين استعادتها.

وتعيش مئات العائلات القريبة من الخط الأصفر، في بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس والشجاعية والتفاح والزيتون شرقي مدينة غزة، أوضاعا أمنية صعبة، بسبب القصف ونسف المباني المستمر.

وفي حوادث بارزة، قتلت القوات الإسرائيلية 11 فردا من عائلة أبو شعبان يوم 18 أكتوبر/تشرين الثاني 2025 في حي الزيتون بينهم 7 أطفال، أثناء محاولتهم العودة لتفقّد منزلهم. كما شهدت المناطق الشرقية برفح وخان يونس قصفا مدفعيا وجويا مكثفا.

هندسة أمنية وديمغرافية

يحاول الاحتلال من خلال الخط الأصفر إعادة تعريف خريطة غزة وتقسيمها وفق ما يخدم أهدافه الأمنية والعسكرية متعددة الأبعاد ما يسمح له بالتموضع الميداني تحت غطاء الفصل الأمني مع قدرة على تنفيذ ضربات محددة دون حرب شاملة.

ويؤكد خبراء، أن ما يجري يمثل إعادة رسم للحدود بطريقة غير معلنة من أجل حسم الواقع الميداني الذي يخدم الاحتلال، حيث إن الهدف الإسرائيلي متعدد الأبعاد، ويشمل الحاجة إلى حرية الحركة النارية وتنفيذ ضربات داخل العمق دون اجتياح واسع، والسيطرة على المناطق المفتوحة وتحويلها لشبكة مراقبة وتجسس مستمر تمنع إعادة بناء القوة العسكرية للمقاومة، بالإضافة إلى ممارسة ضغط نفسي وميداني عليها من خلال الوجود المرئي للاحتلال على الأرض لمنع إعادة تنظيم صفوفها.

ومن بين أهداف الاحتلال أيضا، التحكم بمنع السكان من العودة إلى مناطقهم، وخلق شريط عازل عملي حول مناطق السيطرة لفرض واقع ميداني وأمني دائم، حيث يستخدم الهدوء النسبي لترسيخ نقاط مراقبة جديدة وتحديث بنك أهدافه، وإنشاء مناطق عازلة وإعادة التموضع دون مواجهة مباشرة، بهدف فرض واقع جديد في غزة يجعل السيطرة مستمرة وطويلة الأمد.