متابعات: بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي اتخاذ سلسلة قرارات وإجراءات داخلية ضد عدد من الضباط الكبار الذين شغلوا مناصب حساسة قبل وخلال هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى).
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس أركان الجيش إيال زامير، استدعى اليوم الأحد عددًا من ضباط هيئة الأركان الحاليين والسابقين الذين شغلوا مواقع حساسة قبل هجوم 7 أكتوبر، إضافة إلى قيادات في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان).
وتأتي القرارات التي سيتم تنفيذها عبر اجتماعات عاجلة يعقدها زامير خلال اليوم مع الضباط المعنيين، في أعقاب ما توصلت إليه لجنة "ترجمان"، في خطوة تعتبر من الأكثر حساسية منذ اندلاع الحرب، وسط توقعات بأن تؤدي إلى "هزة داخل الجيش".
وبينت الصحيفة أن الدعوات وجهت إلى الضباط المعنيين بشكل فردي، فيما بذل مكتب رئيس الأركان جهودًا مكثفة لإنهاء جميع الجلسات قبل الساعة الثامنة مساء، وهو موعد النشرات الإخبارية في القنوات الإسرائيلية.
وأشار التقرير إلى أن الإجراءات التي يعتزم زامير اتخاذها ضد الضباط، تتضمن تحميلهم "مسؤولية شخصية" عن إخفاقات ترافقت أو سبقت هجوم 7 أكتوبر، فيما يُتوقَّع إبلاغ آخرين بـ"إجراءات قيادية" قد تشمل التوبيخ أو قرارات تنظيمية.
وحسب الصحيفة، فإن من بين المستدعين ضباط بارزين، بينهم اللواء يارون فنكلمان، الذي شغل سابقًا منصب رئيس شعبة العمليات ثم قيادة الجبهة الجنوبية، رغم أنه لم يُنْه خدمته رسميًا ويواصل العمل على ملف التحقيقات.
وأفادت الصحيفة بأن بعض هؤلاء الضباط سيجتمع بزامير نفسه، فيما يجتمع آخرون بنائبه تمير يدعي، وجميعهم من الضباط الذين أنهوا خدمتهم العسكرية خلال الفترة الماضية.
من ناحيتها، استدعت شعبة الاستخبارات العسكرية ضابطين في الخدمة النظامية للمثول أمام رئيس الشعبة شلومي بيندر، الذي بدوره سيعرض أمامهما الاستنتاجات الشخصية ويبلغهما بالخطوات القيادية بحقهما.
وتقول "يديعوت أحرونوت"، إن هذه الخطوات تثير جدلًا داخليًا حادًا في أوساط عسكرية سابقة وحالية، مبينة أن ضباطا كبارا يشكون بأن الإجراءات المتخذة تستهدف شريحة محددة من المسؤولين بينما تعفي آخرين.
وأشارت إلى أن بعض القيادات، ومن بينهم رئيس شعبة العمليات الحالي شلومي بيندر، كان لهم دور مركزي وقت الهجوم، متسائلين كيف يمكن أن يقدّم مسؤولون من هذا المستوى "ملاحظات تأنيب" لضباط آخرين؟
وتخشى جهات قانونية داخل الجيش من أن تتعارض خطوة رئيس الأركان مع المسار القضائي، خاصة في ظل التماس سابق للسلك الدفاعي العسكري ضد تمكين مراقب الدولة من إصدار "ملاحظات شخصية" دون إعطاء المعنيين حق الاطلاع والاستشارة.
ونقلت الصحيفة عن أحد المصادر القانونية، أن ما يجري اليوم "قد يُمكّن مراقب الدولة من الالتفاف على الالتماس السابق عبر الاستناد لنتائج الجيش نفسه".
ولم تُمنح اللجنة التي ترأسها الجنرال في الاحتياط سامي ترجمان، صلاحية التوصية بإقالات، رغم أن رئيسها كان يرى أن تقريره يجب أن يفضي بطبيعته إلى "استنتاجات شخصية".
ولم يُعرف ما إذا كانت هناك توصيات سرية رُفعت إلى رئيس الأركان، أو ما إذا كان يعتمد على ملحق غير معلن.
في هذه الأثناء، عادت إلى الواجهة مسألة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، ففي اليوم الذي عُرض فيه تقرير لجنة ترجمان، قال رئيس الأركان إنه يؤيد لجنة "خارجية ومتعددة التخصصات"، متجنبًا للمرة الأولى منذ بدء الحرب استخدام مصطلح "لجنة تحقيق رسمية مستقلة".
وعلى الرغم من أن زامير كان قد دعا سابقًا إلى لجنة تحقيق رسمية مستقلة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض هذا الخيار بشكل قاطع، وتدفع باتجاه "لجنة تحقيق قومية" ذات صلاحيات أضيق، على أن تُحدَّد ولايتها عبر لجنة وزارية يقودها وزير القضاء ياريف ليفين.
ورأت الصحيفة أن هذه الإجراءات قد تُحدث "هزة داخل الجيش" نظرًا لحساسيتها وتوقيتها وارتباطها بعلاقة المؤسسة العسكرية بالقيادة السياسية، في ظل اتهامات متبادلة بشأن المسؤولية عن الإخفاقات التي سبقت 7 أكتوبر وما تلاها من تطورات.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا اعتبر فيه أن أحداث السابع من أكتوبر ناتجة عن "إخفاق منظومي واسع"، مؤكدا في الوقت نفسه على وجود "مسؤولية شخصية" تقع على بعض القادة.
وذكر بيان الجيش أن رئيس الأركان يركّز في مراجعته على "القادة الكبار الذين تقع على عاتقهم مسؤولية قيادية بحكم مناصبهم يوم 7 أكتوبر"، مبينا أن "الاستنتاجات والمساءلة الفردية خطوة ضرورية في مسار تعافي الجيش وتعزيز الثقة بينه وبين الجمهور والجنود".
وأكد البيان أن "المسؤولية القيادية تستوجب اتخاذ إجراءات بحق المعنيين"، مستدركا أنّ هذه الخطوات "لا تلغي إسهام القادة الطويل في أمن الدولة".
ومساء أمس السبت، تظاهر آلاف الإسرائيليين بتل أبيب، للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق حكومية رسمية حول الإخفاقات في مواجهة عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023.