العلاقات العامة وتقنيات حل المشكلات المؤسسية
د. يحيى إبراهيم المدهون
العلاقات العامة وتقنيات حل المشكلات المؤسسية
تواجه المؤسسات على اختلاف أنواعها إنتاجية وخدمية وغيرها، مشكلات وصعوبات عديدة تؤثر على جودة الأداء البشري والمؤسسي، ويمثل حلها واتخاذ القرارات في مواجهتها جوهر العمل الإداري، وإذا توافرت إدارة لديها إصرار وعزيمة في تحدي المشكلات وتتميز بقدرة عالية على حل المشكلات فإن قراراتها الصائبة في وضع حد لمشكلاتها يظهر تميزها وإبداعها في العمل الإداري.
والمشكلة سؤال محير وموقف غامض وملتبس يحتاج إلى حل من خلال فهم الموقف وتفسيره وإيضاحه، وحل المشكلة يحتاج إلى مهارة للوصول إلى قرار صائب ومستنير؛ ليكون الحل الأمثل للمشكلة، ولذلك نجد أن حل المشكلة يحتاج إلى تفكير منظم يسخر فيه الأفراد خبراتهم ومهارتهم للوصول الى نتيجة لحلها، من خلال توضيح أسبابها الحقيقية، وكشف الغموض عن العوامل والظروف التي ساعدت على وقوعها.
ويعتمد حل المشكلات على مجموعة من الإجراءات والخطوات الأساسية أولها التحديد الدقيق للمشكلة، ثم الوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوثها وجمع المعلومات حولها بتجرد وموضوعية، ثم البحث عن الحلول بتبادل الأفكار ووجهات النظر داخل المؤسسة وخارجها، واختيار أفضلها بما يحقق مصلحة العمل، ووضع خطة لتنفيذ الحل الأنسب والأمثل للمشكلة، ومتابعتها؛ لمعرفة مدى تحقيق الأهداف المقصودة.
وقد قام العديد من الباحثين بوضع نماذج من الأسئلة للمساعدة في التعرف على الأسباب التي أدت إلى حدوث المشكلة، ومنها أسلوب (كبنر – تريجو) لتحديد وتعريف المشكلات وتشخيصها، بحيث يتم طرح الأسئلة بشكل تسلسلي: ما هي المشكلة؟ وأين هي المشكلة؟ وما سماتها المميزة؟ وما الذي تعنيه المشكلة؟ ومتى حدثت؟ وما الذي يبقى ثابتا وما الذي يختلف؟ وهل المشكلة تكبر أم تصغر؟ وما هو الوضع الطبيعي؟ وأين الوضع الطبيعي؟ وما هي السمات المميزة له؟ وماذا ومن لا تعنيه المشكلة؟ ومتى لا تحدث؟
ونرى مثلا أن بعض المؤسسات تعاني من مشاكل في التدريب الإداري ومنها مشاكل تتعلق بالمدربين وببرامج التدريب وبالمتدربين وعملية التدريب نفسها تواجه مشاكل، ولذلك نسعى لتحديد الأسباب التي أدت إلى ظهور مشكلات التدريب ومن ثم نضع الحلول المناسبة لكل مشكلة من المشاكل التي تواجه التدريب الإداري.
وهناك مجموعة من التقنيات والاستراتيجيات التي تشمل على نشاطات ونماذج ونظريات يمكن للمؤسسات أن تستعين بها لحل المشكلات، التي تواجهها وضمان التعامل الصحيح معها، ومن هذه التقنيات، استراتيجية أو نموذج عظمة السمكة ويسمى أيضا "مخطط المسبب والأثر" أو "مخطط ايشيكاوا"، وهي استراتيجية لتحليل المشكلات بمشاركة المسؤولين عن العناصر الرئيسة التي أدت لحدوث المشكلة، ونظرية "تيريز" وهي قاعدة معرفية لحل المشكلات بطريقة إبداعية وعلمية، وكذلك يمكن الاستعانة باستراتيجية القبعات الست؛ للتفكير بعدة أفكار منها المجردة والإيجابية والسلبية، والعاطفية والإبداعية والموجهة للتعرف على تفاصيل المشكلة.
ويأتي دور العلاقات العامة من خلال مركزها الإداري المتقدم في المؤسسات، وقربها من الإدارة العليا الأمر الذي يعطيها سلطة قوية ومؤثرة ويسهل قدرتها على التواصل مع مختلف الوحدات الإدارية في المؤسسات، والاطلاع على إنجازاتهم والوقوف أمام التحديات والصعوبات، وتقوم العلاقات العامة بتزويد قيادة المؤسسات وإداراتها العليا بالمعلومات اللازمة حول تلك المشكلات و العقبات التي تواجه سير العمل بمؤسساتهم؛ لاتخاذ القرارات الصائبة بمعالجتها باختيار أفضل البدائل والحلول المتاحة، وتساعد في فحص وجهات النظر المختلفة للعاملين في المؤسسات للمساهمة بأفكارهم في حل المشكلات، ولها دور في تهيئة بيئة العمل؛ لتقبل قرارات حل المشكلات وتنفيذها، ومراقبة تنفيذها.
ويأتي دور العلاقات العامة أيضا في البحث عن الحلول للمشكلات من خلال مسؤوليتها عن تنظيم الأحداث الخاصة في المؤسسات، ومنها المجموعات البؤرية وورش العمل؛ لتكوين جلسات عصف ذهني بمشاركة الموظفين والخبراء وذوي الاختصاص؛ للاستفادة من آرائهم وأفكارهم في وضع الحلول الملائمة للمشكلات، وتساهم العلاقات العامة في تدريب العاملين بالمؤسسات على استراتيجيات التفكير في حل المشكلات، ووضع الخطط لتنفيذ هذه الحلول.
وإلى جانب الدور التنفيذي، تقوم العلاقات العامة بدور استشاري؛ لمساعدة الإدارات العليا في المؤسسات في وضع حلول إبداعية مبتكرة للمشكلات من خلال تقديم الاستشارات المطلوبة التي تساعد في حلها.
ونجد أيضا أن العلاقات العامة من خلال وظيفتها الاستعلامية في الرصد والتحليل وإجراء البحوث الاستطلاعية تعمل كجهاز إنذار مبكر في التنبؤ بالمشكلات والصعوبات، لتنبيه الإدارات العليا في المؤسسات إلى المخاطر والمشكلات التي قد تحد من عطاء الموظفين وتشل قدرة المؤسسة على مواصلة نشاطها.
الكوفية