نشر بتاريخ: 2020/09/10 ( آخر تحديث: 2020/09/10 الساعة: 01:15 )
بقلم: ميخائيل ميلشتاين

مركز "موشيه دايان": تفشي «كورونا» في غزة.. تهديدات وفرص

نشر بتاريخ: 2020/09/10 (آخر تحديث: 2020/09/10 الساعة: 01:15)

تعصف الأوضاع بقطاع غزة في الاسابيع الأخيرة، وليس بالضرورة بسبب التوتر الأمني الذي لاح في المنطقة. ففي غضون وقت قصير تحول القطاع من احد الاماكن الاكثر أمنا و»نقاءً» في العالم بالنسبة لـ»كورونا»، الى منطقة يتعاظم الخوف بين سكانها من فقدان السيطرة على المرض.

وكل ذلك بعد اكتشاف أوائل الحاملين للفيروس في المجتمع (وخارج منشآت الاغلاق): كانوا أربعة قبل نحو اسبوعين ويبلغ عددهم، اليوم، 1.150. من الواضح للجميع في غزة أن الفحوصات التي تجرى جزئية؛ لأن عدد المصابين عمليا اكبر بأضعاف مما كشف النقاب عنه، وان ليس لـ»حماس» قدرة حقيقية على التصدي للتحدي.

ظهر تهديد تفشي «كورونا» في غزة لأول مرة قبل نحو نصف سنة، ولكنه تبدد بعد أن نجحت «حماس» في صد المرض. والآن ينفجر من جديد وبقوة اكبر. لا يدور الحديث عن «مشكلة الفلسطينيين» بل عن تهديد على شكل آثار استراتيجية على إسرائيل في المستويات المدنية، السياسية والامنية، يلزمها بان تعمل بنشاط كي تتصدى له. والهدف المركزي في هذه اللحظة هو منع مصيبة إنسانية، السيناريو الذي يبدو واقعيا اكثر من اي وقت مضى ومن المتوقع أن يفاقم حياة السكان الغزيين الذين يعانون على اي حال من ضائقة مدنية متواصلة.

ولكن التهديد الذي يدق الباب من الجنوب قد ينطوي ايضا على فرصة استراتيجية من ناحية إسرائيل، على شكل اعادة فتح نافذة الفرص في موضوع ضحايا الجيش الإسرائيلي والمفقودين الإسرائيليين الذين لدى «حماس». فقد فتحت تلك النافذة لفترة قصيرة قبل نحو نصف سنة في أعقاب خوف يحيى السنوار من انفجار «كورونا» في قطاع غزة، الأمر الذي حمله على أن يعلن عن استعداده للعمل على «صفقة» ما مقابل المساعدة المدنية.

تعود نافذة الفرص الآن، لتفتح من جديد في ضوء الضغط المتزايد في «حماس» وفي الشارع الغزي جراء تفشي «كورونا». هذا وقت ينبغي فيه لإسرائيل ان توضح بكل وسيلة ممكنة – سواء عبر المحافل الوسيطة ام عبر رسائل علنية – ان الخلاص لقطاع غزة مشروط بتلطيف حدة المواقف المتصلبة لـ»حماس» في موضوع الضحايا والمفقودين.

هذه رسالة ينبغي لكبار «حماس» ان يسمعوها بشكل واضح، ولكن من المهم أن يطلع عليها الجمهور الغزي أيضا؛ الامر الذي يفترض خطابا إسرائيليا نشطا من خلال قنوات الاتصال والشبكات الاجتماعية. ثمة واجب ليربط في الوعي الفلسطيني العام بين سلوك «حماس» في موضوع الاسرى والمفقودين والواقع الصعب في قطاع غزة، والذي ينطوي على احد المخاوف العميقة والملموسة للغاية في نظر «حماس» في شكل اضطراب جماهيري ينشب في القطاع.

على إسرائيل أن تعمل انطلاقا من تفكير توجهه نزعة انسانية، وان تقدم المساعدة لسكان القطاع، ولكن عليها أن تظهر هذا التفكير ايضا تجاه عائلات الضحايا والمفقودين. لا ينبغي اشتراط مجرد المساعدة لقطاع غزة بل حجمها. عمق المساعدة، كما ينبغي ان يفهم الجمهور الغزي، سيكون كعمق مرونة «حماس»، فالتصلب الأيديولوجي التقليدي الذي تتمسك به الحركة معناه هذه المرة المخاطرة الحقيقية بحياة الجمهور.

ان تحدي «كورونا» في القطاع قد يصبح تعديلا من ناحية إسرائيل. يمكن أن يسمح ببلورة تسوية جديدة اكثر الزاما تترافق والتقدم في موضوع الضحايا والمفقودين، والذي فصل حتى اليوم، عن خطاب التفاهمات الواسع مع «حماس»، خوفا من ان تفشله. يثبت الواقع الحالي أن هذه مسألة لا تفشل التفاهمات بل بالذات تعزز رافعة الضغط على الحركة الكفيلة كما اسلفنا أن تكون ناجعة أكثر في الظروف الجديدة التي تشكلت في القطاع.

 

عن «يديعوت»

 

*رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان، جامعة تل أبيب.