الانتخابات مقبرة الحلم الفلسطيني!
نعيم أبو عنزة
الانتخابات مقبرة الحلم الفلسطيني!
منذ إعلان الرئيس عباس الشهر الماضي، دعوته لإجراء الانتخابات الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، انشغلت الساحة الفلسطينية بتداعيات خطوة أبو مازن المفاجئة.
دعوة أبو مازن للانتخابات، تأتي في ظروف معقدة تشهدها الساحة الفلسطينية على كافة الأصعدة، فهناك عوامل وعراقيل متعددة تقف حجر عثرة أمام إنجاز عرس وطني ديمقراطي يعيد للشعب إرادته المسلوبة.
ومن أبرز المعيقات التي تواجه تنفيذ الانتخابات هو الانقسام الفلسطيني جغرافيا وسياسيا ووطنيا و"فتحاويا"، ففي حال أجريت الانتخابات بموافقة السلطة والرئيس عباس وموافقة حركة حماس والفصائل الفلسطينية دون مصالحة "وطنية وطنية" ومصالحة "فتحاوية فتحاوية"، فإننا سنكون أمام نتائج كارثية ستضرب المشروع الوطني برمته، وستتحول الانتخابات من فرضية العرس الديمقراطي إلى "مقبرة للحلم الفلسطيني".
السيناريوهات:
فوز حركة فتح
إن فوز حركة فتح في الانتخابات المقبلة أمر في غاية الصعوبة، في ظل انقسام "فتحاوي فتحاوي" ممتد منذ سنوات، وفي ظل ما ارتكبته الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في فرض عقوبات على الموظفين والمؤسسات والقطاعات في قطاع غزة وإحالة عشرات الآلاف من الموظفين للتقاعد وتنصل السلطة الفلسطينية من تحمل مسؤولياتها تجاه قطاع غزة وحقوقه إسوة بالمحافظات الشمالية، وخطوات متعددة اتخذتها السلطة الفلسطينية تجعل من فوز حركة فتح غاية في الصعوبة، ولكن سنؤمن بمعجزة أنها ستفوز، رغم كل ما يعصف بالحركة من الداخل، فما هي النتائج المتوقعة.. والسؤال الأهم: "دون وحدة فتحاوية فتحاوية، هل ستذهب فتح بقائمتين ؟ فما هي خيارات الرئيس عباس"؟!.
فوز حركة حماس
واقع حركة حماس وخشيتها من الانتخابات لا يختلف كثيرا عن حركة فتح، فحركة حماس تراهن على الضفة الفلسطينية في أي انتخابات قادمة على الرغم من أن قطاع غزة معقلها في الأراضي الفلسطينية، ولكن هي تعي جيدا أنها لن تحقق مرادها وفوزها من خلال سكان قطاع غزة نتيجة لعوامل عديدة، لا سرد ولا حصر لها، بينها البطالة المتفشية وقمع الحريات والاعتقالات السياسية وانعدام الأمن والغذاء والمياه الصالحة للشرب وغياب القانون والثراء الفاحش لبعض أرباب السلطة في غزة والضرائب الباهضة المفروضة على المواطنين وقمعها لحراك بدنا نعيش والقائمة تطول.. إلخ.
فوز إحدى الحركتين بفارق بسيط
على الرغم من انعدام الثقة لدى الشعب الفلسطيني بالحركتين نتاج الانقسام وتفضيل المصالح الشخصية والحزبية على حساب الشعب، وانسجاما بما تم ذكره سلفا، فإن الانتخابات إن أجريت فقد تفوز إحدى الحركتين على الأخرى بفارق بسيط جدا، لكنه سيكون بفارق كبير لكلا الحركتين عمّا حصدته في الانتخابات السابقة، فالذهاب لانتخابات دون وفاق وطني يسبقها، سيجعل الإقبال على صندوق الانتخابات ضعيفًا للغاية.
النتائج:
فوز حماس
حال فوز حركة حماس، فإن السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس عباس لن تسلم السلطة لحماس في الضفة الغربية المحتلة، ناهيك عن إسرائيل لن تسمح بذلك أيضًا.
فوز فتح
أما في حالة فوز حركة فتح بالانتخابات، فإن حركة حماس لن تسمح أيضًا بتسليم السلطة في قطاع غزة، الذي تديره منذ العام 2007، فتكون المحصلة النهائية في جميع الحالات "بقاء الانقسام" قائمًا، وبقاء الاحتلال الإسرائيلي كمستفيد أساسي ووحيد من هذا الانقسام.
بعد أن استعرضنا، كل السيناريوهات المحتملة وجميع النتائج المتوقعة، يتضح بما لا يدع مجالًا للشك أن الانتخابات لن تكون عرسًا فلسطينيًا كما يتمنى البعض، وإنما ستكون مقبرة للحلم الفلسطيني الذي يتضاءل يومًا بعد يوم وهو ما يريده الاحتلال الإسرائيلي ويسعى دائمًا إليه.
الوضع بهذه الصورة، يهدد بالتقسيم أيضًا، وليس الانقسام فقط، إذْ أن الذهاب إلى انتخابات دون مصالحة وطنية وضمانات لتسليم السلطة للفائز الذي يختاره الشعب، سيعمق الانقسام السياسي ويحوّله إلى انقسام جغرافي أيضا، ويخلّف وضعًا كارثيًا يقود في النهاية إلى التقسيم ليصبح لدينا دويلة في الضفة ودويلة أخرى في غزة، بتوافق إقليمي غير معلن بشكل رسمي سوف ترحب به إسرائيل وأمريكا.